الجمعة، 8 مايو 2009

3- فرح الكون بحمله صلى الله عليه وسلم


بقلم: عبد الرحمن عمر


اقتربت منى ابنتى وقالت لى حدثتنى فى العددين السابقين عن الحمدلة والحوقلة ووعدتنى بالحديث عن البسملة ولكنى أظن أنك ستؤجل الحديث عن البسملة فى هذا العدد حيث سيصدر فى شهر ربيع الأول بإذن الله، شهر الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، فقلت لها: هل تعتقدين أن الاحتفال بمولد النبى مقصورا على شهر ربيع الأول من كل عام؟ إن الاحتفال به صلى الله عليه وسلم بدأ من قبل مولده فقد احتفل الكون كله بيوم حمله وفى هذا يقول الشيخ الدردير فى قصة المولد: "وروى أن كل دابة لقريش نطقت فى تلك الليلة وقالت حُمِلَ برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورب الكعبة وهو إمام الدنيا وسراج أهلها، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا وأصبح منكوسا، وفرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات وكذالك حيتان البحار يبشر بعضها بعضا، وله فى كل شهر نداء فى الأرض ونداء فى السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ميمونا مباركا".
وفى هذا المعنى يقول: الشيخ على محمد سالم الطنطاوى فى نظمه المسمى (نور الصفا فى مولد المصطفى):


وَقَدْ نَطَقَتْ دَوَابُّ بَنِى قُرَيْـــشٍ
بَأَنْ حَمَلَــتْ مُطَهَّــرَةً مُحَمَّــد
تَبَشَّرَتِ الوحوشُ بـِـه فَهَاجَـتْ
كَذَا الحِيتَانُ فى بُشْرَى مُحَمَّد
وَجِنُّ الأرْضِ وَافَتْ كُلَّ حَــىٍّ
تُبَشِّرُه بِمَــنْ يُسْمَـــى مُحَمـَّــد
كَذَا الأصْنَامُ خَرَّتْ مِنْ عُلاهَا
مُنَكَّسَةً حَيـَــاءً مِـــنْ مُحَمَّـــد
وَأعْشَبَتِ الأراضِى بَعْد جــَدْبٍ
كَسَاهَــا اللهُ بالهَــادِى مُحَمَّـد


وهذا الفرح الذى عم الدنيا منذ حمله صلى الله عليه وسلم مازال مستمرا وإلى أن تقوم الساعة بإذن الله والصالحون يحتفلون بمولد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى كل لحظة، وندب صوم يوم الاثنين احتفالا بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ذلك يوم ولدت فيه) وكان يصومه.
وكل خير وصل إلينا إنما هو من فيضه وبركته وأقواله وهو الذى قال: "كل أمر ذى بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" وفى رواية أخرى "أبتر" أى قليل البركة، وأخرج الديلمى عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ مرفوعًا "أن المعلم إذا قال للصبى قل بسم الله الرحمن الرحيم فقالها كتب للمعلم والصبى وأبويه براءة من النار"، وروى عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله له عبادة سبعمائة سنة"، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قالت الجنة لبيك وسعديك اللهم إن عبدك فلانا قال بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم زَحْزِحْهُ عن النار وأدْخِلْهُ جنتك".
وإذا أراد العبد أن يحصل على ثواب أكبر فإنه يقول بسم الله الرحمن الرحيم وينوى بها تلاوة جزء من آية (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فى سورة النمل، فبذلك يأخذ على كل حرف عشر حسنات.
وفضائل البسملة كثيرة لا حصر لها، ولكن سوف أختم بقصة حَدَثَتْ لى، فقد كنت ذاهبًا لقضاء مصلحة بإحدى المصالح الحكومية ومَرَرْتُ على صديق لى يعمل بجوار المبنى فسألته إن كان يعرف أحدًا فى هذا المبنى، فقال لى نعم.. أعرف، فخُيِّلَ إلىَّ أنَّه سوف يقول لى اسم مسؤول، ولكنه قال لى عندما تضع رجليك على أعتاب المبنى قل بسم الله الرحمن الرحيم وسوف يتم كل شىء كما تحب، وعَمِلْتُ بنصيحته.. وأتمَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ ما كنتُ آمله على أحسن حال ببركة «بسم الله الرحمن الرحيم».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق