الجمعة، 11 ديسمبر 2009

دعوة للحب

يدعونا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى حديثه الشريف الذى يقول فيه (أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه، وأحبونى بحب الله إياى، وأحبوا أهل بيتى بحبى) رواه الترمذى.
هذه دعوة كريمة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وثلاث بُشرات:
الأولى- أن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى وأعظم نعمة أن اختارنا الله - سبحانه وتعالى - من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يفرض علينا حبنا لله، وحب الله فى ذاته نعمة ودليل على سابق حب الله لنا، يقول الله سبحانه وتعالى: (يحبهم ويحبونه)، ومن دعاء سيدنا الشيخ مصطفى البكرى رضى الله عنه فى وِرْدِ السَّحَر: (نسألك بحبك السابق فى يحبهم وبحبنا اللاحق فى يحبونه، أن تجعل محبتك العظمى وودك الأسمى شعارنا ودثارنا يا حبيب المحبين) والمقصود بشعارانا ودثارنا أن يكون حب الله تعالى ملتصقًا بنا ومحيطًا بنا، ومن أحبَّه الله عجَّل له الجنة فى الدنيا فعاش سعيدًا راضيا بكل ما يقضيه الله عليه ويقدره، ويرزقه التسليم والرضا، يقول الله تعالى: (رضى الله عنهم ورضوا عنه).
الثانية- أن حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضمن لنا القرب من جنابه الشريف المنيف فى الجنة، ورؤية وجهه الوضَّاء، ففى الحديث عن الصحابى الجليل ثوبان حينما رآه النبى صلى الله عليه وآله وسلم ووجهه شاحب فقال له: مالك يا ثوبان فقال يارسول الله حينما أشتاق إليك فى الدنيا آتى فأراك، أما فى الآخرة فلو دخلت الجنة سأكون فى مكان وأنت فى أعلى عليين وعندما أتذكر ذلك أحزن لأنى لا أراك، فقال له الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: أما علمت يا ثوبان أن المرء يحشر مع من أحب.
الثالثة- أن حب أهل البيت عرفان منا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما جاء به لنا ولجميع المسلمين من خير يقول الله سبحانه وتعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة فى القربى) ومعنى الآية أن مادلنا عليه النبى صلى الله عليه وآله وسلم يستحق عليه أجرًا لأن مَنْ دلنا على قطعة أرض لنبنى عليها منزلا من طوب وأسمنت وحديد أخذ أجره على هذه الدلالة وبعد ذلك نقوم باستخراج التراخيص وإحضار شركة مقاولات لإكمال البناء وهذا البناء يأخذ منا الجهد والمال وبعد كل هذه المعاناة نموت ونترك هذا المنزل، فكيف لمن دلنا على نعيم باق ونُزُلٍ أعدَّه الله بنفسه وهذا النعيم لا يتركنا ولا نتركه وقد قال الله: (خالدين فيها أبدا) ومنازل الجنة مبنيَّة من حجر من ذهب وآخر من فضة وقد سمعت فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى فى أحد الدروس يقول: لو كانت أحجار الجنة فخار دائم لكانت خيرا من ذهب زائل، ولو حاولنا وصف الجنة فلن نقدر على وصفها، ويكفينا قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فكل هذا النعيم فى مقابل مودة وحب أهل البيت والقيام بزيارتهم والدعاء لهم.
اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك وحب أهل بيته وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.

الجمعة، 30 أكتوبر 2009

الخاطر جند من جنود الله


يقول الله سبحانه وتعالى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ).
يعلم من نص الآية أن جنود الله لا يعلمها إلا هو لكثرتها، وهو سبحانه القادر على تصريفها وإيجادها بين خلقه لينفذ قضاءه وقدره ومنها الجنود الظاهرة مثل الزلازل والبراكين والفياضانات والريح، ومنها جنود خفية مثل الميكروبات والفيروسات.. وكذلك الخواطر، وسوف أتحدث عن واحد من الجنود وهو الخاطر.
إن الخواطر التى ترد على عقولنا نتحرك بها، فمثلاً إنسان يخطر له خاطر لشراء بيت لأولاده وآخر يأتيه خاطر يقول بع البيت واشتر أرضا زراعية للأولاد فهذا يعرض البيت والآخر يشتريه، وكذلك فى الزواج والتجارة والصناعة وكل مناحى الحياة يتحرك الناس فيها بالخواطر.
و الخاطر كان سببا في قبض عزرائيل روح رجل سافر الى الهند و كان في مجلس لسيدنا سليمان.

فقد روى أنه دخل سيدنا عزرائيل مجلس سيدنا سليمان عليه السلام وكان فى الزمن الماضى يظهر للبشر، فرأى أحد الضيوف فى المجلس فنظر له نظرة جعلته يرتعد، فسأل سيدنا سليمان قال يا نبى الله أرجو أن تأمر الريح أن تنقلنى إلى الهند فأنا خائف لأنه نظر إلى دون الجلوس جميعًا وفعلاً تم نقل الضيف إلى الهند وسأل سيدنا سليمان سيدنا عزرائيل لماذا أرعبت الرجل بهذه النظرة فقال لقد أمرنى الله أن أقبض روحه فى الهند فلما رأيته جالسًا عندك استغربت فلما طلب منك أن تنقله إلى الهند علمت أنه ذاهب إلى قدره وتم قبض روحه فى الهند كما أمر الله سبحانه وتعالى.
لقد أوحى الله إلى أم موسى وحيًا فسره فضيلة الشيخ الشعراوى على أنه خاطر وليس وحيًا كالوحى الذى ينزله على الأنبياء، يقول الله تعالى: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ" ولما رأته امرأة فرعون تعلقت به وهذا أيضًا خاطر ولما أرادوا قتله (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ ۖ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) فهذا خاطر جاءها أنه ربما ينفعهم وصدقوها والتصديق خاطر، وإذا تأملنا الآية نجد أن الله أراد بهذا أن يهلك فرعون وملكه.
وقصة سيدنا الخضر مع سيدنا موسى والتى خرق فيها السفينة وقتل الغلام وبنى الجدار، وفى آخر القصة قال: "وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى".
وفى تجربة شخصية، كنت أقود السيارة وبجوارى عالم جليل ومعنا بعض الأصدقاء وطلب منا فضيلة الشيخ قراءة الفاتحة لسيدنا الشيخ أحمد الدرديرى وبعد حوالى مائة متر كرر الطلب لسيدنا الإمام الحسين رضى الله عنهم أجمعين ونحن نقرأ الفاتحة وكنا فى حالة روحانية جميلة اقتربت سيارة من على يميننا وبداخلها بعض الشباب وراديو السيارة صوته مرتفع بموسيقى صاخبة وهم يرقصون بداخل السيارة فالتفت فضيلة الشيخ يمينه ثم نظر إلينا وقال(سبحان من أودع فى كل قلب ما يشغله).
وفى هذا المعنى يقول فضيلة الشيخ محمد الطاهر الحامدى فى منظومته المسماة (مرشد الأنام):
وكل ما فى الكون من آثار
فإنه من صنعة القهار
فليس يجرى كائن ولا جرى
إلا قضاه ربنا وقدرا
وإنما الجزاء للإنســـــان
لكسبه المدرك بالوجدان
فليس مجبرا وذا إرهاق
وليس مختارا على الإطلاق
هذا هو القول الذى لا ينتقد
وغير هذا باطل لا يعتقد

الجمعة، 2 أكتوبر 2009

التوكل على الله

قال الأب لابنه مالى أراك محبطا وأشعر بالمرارة فى كلامك، فكان رد الابن كيف لا أحبط وقد كنت أعتمد عليك فى العمل بعد التخرج من الجامعة فى إحدى شركاتك ولن أبحث عن وظيفة فى سوق العمل لأن العمل جاهز عندك.
فلما قمت بتصفية شركاتك وجدتنى مضطرًّا للبحث عن وظيفة، فرد عليه والده: هذا لأنك اعتمدت علىَّ ولم تعتمد على الله - سبحانه وتعالى - والذى يقول فى كتابه العزيز: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَىِّ الَّذِى لا يَمُوتُ) ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا)
رواه أبو تميم الجيشانى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه, ويدل هذا الحديث على أن الأمر بالتوكل على الله تعالى لا ينفى الأسباب، ومن هذا الحديث نعرف أن السعى على الرزق واجب، أما حصول الرزق فهو من عند الله, يقول تعالى: (فَٱمۡشُواْ فِى مَنَاكِبِہَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِ) وطلب الرزق من الله يجب أن يكون مع الأخذ بالأسباب وبأدب.
حكى مشايخنا - رضى الله عنهم - أن بعضهم كان يقول وددت لو أنى تركت الأسباب وأعطيت كل يوم رغيفين حتى أستريح من تعب الأسباب، قال فسُجِنْتُ فكان يؤتى لى كل يوم برغيفين، وبعد أن طال الأمر علىَّ وشعرت بالضيق قيل لى إنك طلبت منا كل يوم رغيفين ولم تطلب منا العافية فأعطيناك ما طلبت، فاستغفرت الله ورجعت إليه سبحانه، فإذا بباب السجن يفتح وخرجت.
والمؤمن لا يطلب أن يخرج من أمر ويدخل فيما سواه من نفسه، فلربما يعطى الثروة وتمنع عنه الراحة والسعادة، وقد حكى ساداتنا المشايخ أنه قد حدثت أزمة مالية لأحد الصالحين فقال لزوجته: أخرجى كل ما فى البيت فتصدقى به، ففعلَتْ إلا الرحا، فإنها قالت لعلنا نحتاج إليها ولا نجد مثلها وإذا بالباب قد دق وقال الطارق هذا قمح أرسل إلى الشيخ فملأت البيت قمحا فلما رجع الشيخ ونظر قال: أأخرجتِ كل ما فى البيت، قالت: نعم.. ولكنى تركت الرحا خيفة أن نحتاج إليها، فقال لو أخرجت الرحا لجاءك دقيق، ولكنك أبقيتها فجاءك ما به تتعبين.. وهذا لأنها دبرت لنفسها ولم تعتمد على المدبر سبحانه وتعالى، يقول ابن عطاء الله السكندرى رضى الله عنه: (إذ كان لا بد أن تدبر فدبر أن لا تدبر)، وقال أيضًا رضى الله عنه: (إن أهل المعرفة بالله إذا توقفت عليهم أسباب المعيشة قرعوا باب الرزق بمعاملة الرزاق، لا كأهل الغفلة والعمى إذا توقفت عليهم أسباب الدنيا ازدادوا فيها كدحًا بقلوب غافلة وعقول عن الله ذاهلة).

الجمعة، 21 أغسطس 2009

أصدقاء السوء.. وجهاز المناعة


يقول الشاعر العباسى صالح بن عبد القدوس:

اختر قرينك واصطفيه تفاخرا إن القرين إلى المقارن ينسب

أحمد الله - سبحانه وتعالى - على نعمة الإيمان والإسلام وكفى بها نعمة، كما أحمده - سبحانه وتعالى - وأسجد له شكرًا أن دَلَّنَا من فضله وكرمه على صحبة الصالحين وأنى حين أحمد الله تعالى على ذلك أتذكر قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أحمد.
كثرت شكوى الآباء فى هذه الأيام من الأبناء الذين تغيروا ولم يصبحوا مثل آبائهم ولكن كل عصر وله جيله، ولا بد أن نقترب من أبنائنا ونتخذهم أصدقاء لنا بعد أن نكون قدعرّفناهم الحلال والحرام، فقد شكا لى صديقى من تصرفات نجله وسهره حتى وقت متأخر خارج البيت، فقلت له: إن ما يحمى أبناءنا تلك المناعة التى اكتسبوها من تربيتهم الدينية، فإذا كنت قد ربيتهم على الخوف من الله، فلا تخش عليه واجعله صديقا لك حتى لا يخطفه أصدقاء السوء فإنهم كالفيروسات المدمرة لا يحمينا منها إلا جهاز المناعة، ثم أردفت حديثى معه قائلاً سوف أقص عليك قصة لابن تربَّى تربية سليمة وقد التفَّ حوله أصدقاء السوء وهو لا يزال فى المرحلة الإعدادية وقالوا له هيا بنا لندخن الشيشة، فسألهم وما الفائدة التى تعود علينا من هذا، قالوا حتى تصبحَ رجلاً، ولأنه تربَّى تربية سليمة فكان جوابه ولكنى رجل بدون تدخين الشيشة، وابتعدَ عنهم، وآخر اجتهدَ فى تربية أبنائه ونشَّأهم تنشئة طيبة، ولكن واحدًا منهم أحضره أصدقاؤه فى ساعة متأخرة من الليل محمولا وهو فى شبه غيبوبة وبعد كشف الطبيب عليه وإعطائه الدواء قال.. اتركوه حتى الصباح وسوف يعود إلى حالته الطبيعية، وفى الصباح سأله والده ما الذى حدث؟ قال لقد أحضرلى أصدقائى دواء وقالوا لو شربت الزجاجة كلها (هتعمل دماغ) وبعد شربى للزجاجة لم أشعر بشىء فقال له والده.. وما الذى حملك على هذا؟ قال.. أردت أن أجرب، وكان هذا درسًا للشاب رجع بعده إلى الطريق المستقيم، إن النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - قد ربَّى الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ فى المسجد فهيَّا نعود للمساجد ونحضِر معنا أبناءَنا حتى يتعلقوا بالمساجد وفى المسجد سيعرفون الحلال والحرام والفرائض والسنن وحقوق الأهل والجيران وسيجدون الصحبة الصالحة فى المسجد والتى تعينهم على فعل الخيرات وترك المنكرات.

كثرة الخطا إلى المساجد



عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات, إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط, فذلكم الرباط, فذلكم الرباط" رواه مالك، (وفى رواية على المكاره). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان" ابن ماجة والترمذى. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بشر المشَّائين فى الظًُلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" رواه ابن ماجة وأبو داوود، و
عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (من توضأ فى بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فهو زائر لله، وحق على المزور أن يكرم زائره)، وقد سألت فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد – رضى الله عنه - عن الذهاب إلى المسجد بالسيارة فأجابنى قائلا: "إن كل لفة عجلة لك بها حسنة" وقد علَّق فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى بقوله: وهذا فقه جيد حيث إن المقصود ليس المشى بالقدم وإنما المراد السعى إلى المسجد بأىِّ وسيلة كانت، كما ورد فى حديث الاثنين الذيْن جاءا يسألان النبى فى الحج فقال لأحدهما: (فإنّك إذا خرجت من بيتك تؤمُّ البيت الحرام لا تضع ناقتك خفًّا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا عنك خطيئة) رواه الطبرانى فى "الكبير" والبزّار وابن حبَّان، ويدخل فى هذا السعى بالسيارة أو أى وسيلة أخرى حديثة.
فمن الطاعات التى لها فوائد عظيمة تعمير المساجد وكثرة الخطا إليها, يقول الله تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ ) (التوبة:18)، فهل سيترك الشيطان رواد المساجد يؤدُّون المناسك ويفوزون بهذا الثواب العظيم؟ ولقد حذرنا الله فى كتابه العزيز فقال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (فاطر:6). وبسؤال فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد - رضى الله عنه – عن عداوة الشيطان للإنسان، قال: إن الشيطان لا يحتمل أن يرى اثنين مسلمين فى وئام ومحبة فيظل وراءهما حتى يوقع بينهما العداوة والبغضاء ليبعدهما عن الطاعات، وحينما سألْتُه – رضى الله عنه – عن سبب الخلافات بين رواد المساجد فقال وهل سيذهب الشيطان إلى الخمارة؟ إن رواد الخمارات انتهى منهم الشيطان وهو الآن يحاول أن يخرب على رواد المساجد عبادتهم ويمنعهم من المواظبة على حضور صلاة الجماعة بالمسجد حتى لا يزيد عدد المصلين ويبعدهم عن هذا الخير العظيم. وقد حكى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عبادة بن الصامت عنه حيث قال: خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أى تخاصم وتنازع) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى اثنان فرُفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة).
وكل هذه الخلافات وراءها عداوة الشيطان لنا فهل اتخذناه عدوًّا كما حذرنا الله سبحانه وتعالى؟ وآخر حيل الشيطان الآن لرواد المساجد التليفون المحمول, فحَدَثَ أننا كنا نصلى العشاء جماعة بالمسجد ورغم تحذير الإمام للمصلين بغلق التليفون المحمول, وبعد الدخول فى الصلاة أخذ يرن جرس تليفون محمول برنات شاذة وصاحبه يخرجه ويغلقه أكثر من مرة، وبعد الصلاة سأل الإمامُ صاحبَ التليفون: لماذا لم تغلق التليفون المحمول قبل الدخول فى الصلاة كما حذرنا من قبل؟ فردَّ: حتى أكون على اتصال بعملى فكان رد الإمام عليه: إذن قمْ فأعدْ صلاتك فإن الشيطان قد أفسدها عليك، (لأنه تحرك أكثر من حركة أخرجته عن صلاته)، ونحن حين نُكَبِّر تكبيرة الإحرام يجب أن نترك الدنيا وراء ظهورنا. والآن.. وبعد أن وضحت الأمور وعلمنا عداوة الشيطان لنا, يجب علينا أن نرتفع فوق خلافاتنا وأن ندعو الله - سبحانه وتعالى - أن يكفينا شر الشيطان وعداوته وأن يوحِّد كلمة المسلمين وليقوموا بتعمير المساجد.

الجمعة، 17 يوليو 2009

حب آل البيت

حكى لى صديقى قائلا: لقد كنت بالأمس فى زيارة سيدنا على زين العابدين - رضى الله عنه وأرضاه - وقد كانت الليلة الخاتمة لمولده، وكان المكان عامرًا بمحبى آل بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فتدخل أحد المستمعين لنا وبدون سابق إنذار، وقال: ما هذا الكلام الذى تقولونه أتذهبون للموتى وتسألونهم وتطلبون منهم حاجاتكم وهم فى أمَسِّ الحاجة لدعائكم؛ حيث إنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولاضرا وأنا أخشى عليكم من الشرك، وهذه الموالد ما أنزل الله بها من سلطان كما أنه يحرم الصلاة فى الأماكن التى بها قبور أو أضرحة، فتبسم صديقى وقال له: بارك الله فيك، فقد نورتنا بأمرٍ لم يخطرعلى بالنا، وانصرف الرجل بعد أن شعر أنه أدَّى ما عليه، وقد حاولت النوم بعدها فلم أستطع، فأمسكت القلم وأخذت أسجل بعض خواطرى لعلى أخرج بما يجول فى صدرى من غيظ شديد.
بادئ ذى بدء.. نحن نؤمن بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة المطهرة، ونؤمن بقول الله - سبحانه وتعالى –: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة/186] ويقول الله تعالى. {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} . [غافر/60]...وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ الله، صلى الله عليه وآله وسلم، يَوْماً فَقَالَ: يَا غُلأَمُ، اِنِّى أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ، فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَئءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَئءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَئءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَئءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ.
من هنا يتضح لنا أن السؤال والدعاء لا يكون إلا لله، فالواهب والعاطى هو الله، ومن عطاء الله - سبحانه وتعالى - المعجزات للأنبياء والكرامات للأولياء ومعجزات الأنبياء مذكورة فى القرآن الكريم منها إلقاء سيدنا إبراهيم - عليه السلام - فى النار وقميص سيدنا يوسف وعصا سيدنا موسى وإحياء الموتى لسيدنا عيسى والإسراء والمعراج لسيدنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن الكرامات قصة العبد الصالح مع سيدنا موسى - عليه السلام - وقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضى الله عنه -: يا سارية الجبل الجبل!! وقد كان سيدنا سارية فى بلاد فارس وسيدنا عمر فى المدينة المنورة وسمعه سيدنا سارية والتف حول الجبل وهزم الأعداء، وإذا كانت المعجزات قد انقطعت بعد انتقال النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - فإن الكرامات موجودة إلى أن تقوم الساعة.. وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قال: من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلىَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدى يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشى بها، وإن سألنى لأعطينه، ولئن استعاذنى لأعيذنه، وما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته (رواه ابن عساكر عن عائشة). وفى رواية لغيرالبخارى: من آذى لى وليا فقد استحل محاربتي، والمراد بولى الله العالم بالله، المواظب على طاعته، المخلص له فى عبادته كما قال الله تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون * لَهُمُ الْبُشْرَى فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ) وقد جاء فى الحديث القدسى (عبدى أطعنى أجعلك عبدا ربانياً تقول للشىء كن فيكون) إذن.. فالعاصى ليس له عند الله كرامة إنما الكرامة للطائعين الصالحين.. ومن هنا التفَّ الناس حول الطائعين لله يقولون لهم أعطونا مما أعطاكم الله وهذا العطاء فى الحقيقة إنما هو من عطاء الله، كما أن من وسع الله عليه فى ماله عليه زكاة كذلك من وسع الله عليه فى التقوى عليه زكاة.. فهو لا يستأثر بهذه المنح الربانية لنفسه فقط بل يجعلها فى خدمة خلق الله.. وهذا تكليف من الله له.. وقد يقول قائل هذا جائز بالنسبة للأحياء فهم قادرون على الدعاء ويجرى الله الكرامات على أيديهم وقد يرد سؤال لماذا يذهب الناس إلى المنتقلين من أهل البيت والصالحين لطلب الدعاء عندهم؟ لأنهم علموا أن من أحبه الله كان سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به، وسمع الله وبصره لا يموت وهذا من كرم الله على أحبائه، فعطاء الله موصول لهم إلى يوم القيامة وهم الآن فى مكان أفضل مما كانوا فيه فى الدنيا ودرجاتهم ترتفع كلّ يوم بما تركوا من أعمال صالحة فى الدنيا, ومن كلمات الصوفية: (الولىُّ فى حياته كالسيف فى غِمده إذا مات سُلّ) وكما أن النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - ترتفع درجاته فى كل لحظة بأعمال الصالحين من الأمة وما تفعله من أعمال صالحة تكتب فى صحيفة حسنات سيد الخلق ـ عليه الصلاة وأتم السلام ـ وكما قال النبى - صلى الله عليه وآله وسلم -: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل من غير أن ينقص من أجورهم شئ) (الطبرانى فى الأوسط).. وأيضا (الدال على الخير كفاعله) (الطبرانى فى الأوسط) وهناك أيضًا الهادون فى الأمة من بعد النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - هدى الله - سبحانه وتعالى - على أيديهم خلق كثير.. تركوا أعمالا صالحة وعلمًا ينتفع به المسلمون من تسجيلات للقرآن الكريم فكلما قرأوا آية كتب الله لهم عشر حسنات بكل حرف وتركوا أيضًا مجلدات ينتفع بها المسلمون والباحثون.إذن.. فالانتقال ليس انقطاعًا عن الدنيا وسؤال المسلمين لمن انتقل من الصالحين يساوى سؤالهم، وهم أحياء لأن الفاعل فى الحقيقة هو الله عز وجل.

الثلاثاء، 16 يونيو 2009

الأمـر بالمـعـروف والنهى عن المنكر

نتباهى كثيرًا بقول الله سبحانه وتعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ونضعها فى الميادين ومداخل المدن، ونحن فى هذه السطور سوف نلقى الضوء على هذه الآية، فهذه الآية الكريمة من يقرؤها يسعد بها وينشرح لها، وهى بمثابة وسام على صدر كل مسلم لأن المتحدث هو الله والمبلغ حضرة النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمبلغ إليه الأمة الأسلامية، ولكن يجب أن نكمل الآية التى شرطت علينا شرطًا للخيرية وهو: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) (آل عمران:110)، إن ما دفعنى لكتابة هذه المقالة ما نراه من إعلانات تحثُّ على فعل المنكر وترك المعروف.. ومما نراه اليوم فى ملاعب الكرة من مشجعين يقفون فى المدرجات بالساعات يرقصون ويهتفون باسم ناديهم ويتلفظون بألفاظ بذيئة ضد المنافس فلا يعترض أحد ويقول هذا منكر أما إذا رأوا مجموعة تذكر الله ويتمايلون فى الذكر نشوة وطربًا بذكر الله فهنا يكون الاعتراض.
هذه الأمثلة ذكرتنى بحديث لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول فيه: كيف بكم إذا فسق شبابكم وطغت نساؤكم وكثُر جُهَّالكم.. قالوا: أو ذلك كائن يا رسول الله؟ قال: وأشد من ذلك، كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر؟ قالوا: أو ذلك كائن يا رسول الله؟ قال: وأشد من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرًا ورأيتم المنكر معروفًا؟".. الحديث.
فإذا تأمَّل الإنسان حال أمتنا اليوم يجد ما تنبَّأ به النبى – صلى الله عليه وسلم – قد حصل، نسأل الله السلامة.
وعنه - صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال (
من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أخرجه مسلم، وقد قال العلماء فى شرح هذا الحديث: التغيير باليد للحكام وباللسان للعلماء وبالقلب لسائر الناس، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71) إذن.. فكل منا مطالب بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، حتى نكون خير أمة أخرجت للناس، فهل فعلنا ذلك؟!
– وقد جاء فى صحيح مسلم من حديث أبى ذر – رضى الله عنه – عن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال: يصبح على كل سلامى أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، ويجزى من ذلك ركعتا الضحى يركعهما" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن النبى -‏ ‏صلى الله عليه وسلم -‏ ‏قال:‏ (‏كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فليبدأ كل منا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى محيط أسرته وكل من تشملهم رعايته حتى نصل إلى الخيرية التى منحها الله للأمة الإسلامية، ولا نكون كبنى إسرائيل الذين قال الله عنهم فى كتابه العزيز: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون ● كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) المائدة: 78، 79.

الخميس، 11 يونيو 2009

سنة المصطفى- صلى الله عليه وسلم - فى الزواج

عبد الرحمن عمر
يقول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الروم:21) وقد رغَّب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الزواج فقال: (تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنى مُبَاهٍ بكم الأمم يوم القيامة) فبالزواج تتحقق الخلافة الصالحة فى الأرض، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
وعن السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم)، وحذر الشباب من التعلق بالمظاهر الخداعة فروى أنه قال: (إياكم وخضراء الدمن قالوا يا رسول الله: وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء فى المنبت السوء) رواه الوقادى من رواية أبى سعيد الخدرى، ويقول صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وورد عن النبى ـ صلى الله عليه وآله وسلم قوله: (أقلهن مهورا أكثرهن بركة) قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (النور:32)، وقد وضع لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معيارا لمعاملة الشاب المُقْدِم على الزواج عندما تقدم الإمام على ـ رضى الله عنه وكرم الله وجهه ـ لطلب يد السيدة فاطمة الزهراء ـ رضى الله عنها ـ من أبيها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو الذى له الولاية العامة على جميع المسلمين والمسلمات دون استثناء حتى على علىٍّ وفاطمة، لكن الرسول لم يعلن موافقته لعلى قبل الاستئذان من السيدة الزهراء حفاظا على كرامتها لتكون سنة لعامة المسلمين ودخل النبي واكتفي بقوله يا فاطمة إن على بن أبى طالب مَنْ قد عرفتِ قرابته وفضله وإسلامه وإنى قد سألت ربى أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه وقد ذكر عن أمرك شيئا فما ترين؟ فسكتت ولم تولِّ وجهها ولم ير فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كراهة فقام وهو يقول: (الله أكبر.. سكوتها إقرارها)، ثم عاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى علىٍّ فأخبره بالموافقة وسأله: هل معك شىء أزوجك به؟ فأجاب علىٌّ: فداك أبى وأمى! والله لا يخفى عليك من أمرى شىء، أملك سيفى ودرعى وناضحى (البعير الذى يحمل عليه الماء) وأشار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على علىٍّ أن يبيع الدرع وكان ثمنه صداقا لابنة سيد الأنبياء والمرسلين وبنى بها فى بيت أمه السيدة فاطمة بنت أسد ـ رضى الله عنها ـ وكان على بن أبى طالب فقيرا فهو الذى قال: لقد تزوجت فاطمة ومالى ولها غير جلد كبش تنام عليه بالليل، ونعلف عليه الناضح بالنهار وما لى ولها خادم غيرها وقد وضع لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا المنهاج النبوى مسلكا قويما ونهجا سديدا لاختيار الزوج، ولكن للأسف فى أيامنا الحالية.. اهتم الأهالى بالمظهر والشكل والمستوى الاجتماعى والجاه والمنصب والشقة من أربع غرف أو خمسة مما أثقل كاهل الشباب وخاصة المبتدئ منهم مما صعَّب الأمر على الشباب وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه (ما خُيِّرَ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا) متفق عليه، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم) أخرجه أبو داوود، وقد تتمنى بعض الأسر الزواج لابنتهم، فما أن يأتى الشاب لطلب يدها حتى يأخذوا فى المطالبة بأمور تعجيزية منها الشبكة، والفرح، وفى أى نادٍ سيقام، ونوع الأكل المقدم للمدعوين.. وغير ذلك، بل لقد فشلت زيجة بسبب إصرار أهل العروس على وجود الديك الرومى بـ«البوفيه» ولما اعتذر العريس وقال إن إمكانياتى لا تسمح، فقالوا إن بنت عم العروس كان فى فرحها ديوك رومية، ونحن لسنا بأقل منهم، إما هذا الشرط وإما فلا فرح ولا زواج فاستشار للزواج أحد العلماء العقلاء، فقال له اترك هذه الأسرة يا بنى وإلا سوف يرهقونك، كل هذا التشدد جعل الشباب يفكر ألف مرة قبل القدوم على الزواج.
وبعد هذا نسأل: لماذا وصل عدد الفتيات العوانس فى مصر إلى تسعة ملايين عانس وليس هناك علاج للخروج من هذه المشكلة التى صعَّبناها على أنفسنا إلا بالرجوع لسنة الحبيب الطبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى قال لآل العروس: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير) رواه الترمذى وغيره، ولم يشترط رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى المتقدم للزواج إلا الدين والخلق، أما نحن فقد نزعنا المودة والرحمة التى أوصانا بها القرآن وجاءت بها السنة، فهيا نتبع سنته - صلى الله عليه وسلم - لينصلح حال مجتمعنا.

الجمعة، 29 مايو 2009

الأخ الحبيب سيف النصر عمر.. فى ذكراه الخامسة



مولده
ولد فى 14 فبراير 1952م.
نشأته
نشأ فى أسرة شريفة، فوالده شريف من نسل سيدنا الإمام الحسين ووالدته من نسل سيدنا الإمام الحسن رضى الله عنهم أجمعين، وفى بيت يحب العلماء والصالحين، وكان – رحمه الله – مواظبًا على حضور دروس العلم لفضيلة الشيخ محمد الطاهر وفضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم وفضيلة الشيخ عبد الرحيم عبد الجابر، وحضور مجالس الذكر بمسجد السباعى ببولاق أبو العلا، يومى الأحد والخميس من كل أسبوع، ولتعلقه بحب الشيخ صالح الجعفرى كان دائم الصلاة يوم الجمعة بالجامع الأزهر لحضور دروس علمه، وقد قام بتسجيل جميع حلقات الشيخ الشعراوى بالتليفزيون، وكان يسافر خلف الشيخ الشعراوى بالمحافظات لحضور دروس علمه كلما أمكنه ذلك، وهذا لشدة تعلقه بالعلماء والصالحين رحمهم الله تعالى جميعًا.
تربيته لأولاده
من أقواله المأثورة أن تربية الأبناء أمانة سوف نحاسب عليها أمام الله – سبحانه وتعالى – وهى استثمار جيد، وقد نجح – والحمد لله – فى تربية أبنائه كما كان يتمنى والوصول بهم إلى أعلى درجات العلم، واهتمامه بهم مضرب المثل، فقد كان يمضى الساعات الطويلة ينتظرهم بداخل السيارة وهم بالدروس الخصوصية ليعود بهم إلى المنزل أو ليذهب بهم لدرس آخر، دون كلل أو ملل، وفى بعض الليالى قد يعود بعد منتصف الليل وعنده عمل فى الصباح الباكر، ورغم هذا المجهود، كان فى منتهى الرضا بما يصنع.
عمله
عمل بوزارة الخارجية بعد تخرجه وكانت علاقته بزملائه تقوم على المحبة والود داخل العمل وخارجه، وجميع زملائه حتى اليوم على اتصال بأسرته ويصلونهم محبة ومودة لوالدهم، ولم أجد أحدًا بينه وبين المرحوم أى خلاف، وهذا من فضل الله عليه، وكان بحكم عمله كثير السفر إلى الخارج ولكنه لم ينقطع عن أهله للحظة.
كرمه
كان كرمه مضرب الأمثال، وله كلمة مأثورة كان دائمًا ما يرددها (إن النقود خلقت لتصرف) بشرط فيما يرضى الله، وكان دائم السؤال عن الفقراء والمحتاجين، وبمجرد علمه بظروف أى إنسان كان يقول يجب علينا الوقوف بجانبه، وكان ينفق إنفاق من لا يخاف الفقر ولا يخشاه.
انتقاله
لقد كانت أمنيته ألا يثقل على أحد بمرضه وقد حقَّقَ الله له أمنيته، وقد انتقل إلى رحمة الله وهو يمشى على رجليه، وكان انتقاله يوم الأحد 8/8/2004، وقد دفن بمقابر الأسرة بسفح المقطم أمام مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وقد ترك زوجة صالحة وفية دائمًا ما تذكره بكل خير وتحاول توصيل الخير إليه فى كل لحظة بالدعاء والصدقات، كما ترك ابنًا وابنة صالحين يدعوان له دائمًا، وأحفاد نسأل الله أن يمدهم ببركة جدهم.أخى الحبيب لقد غبت عنا بجسدك ولكنك معنا بروحك الطيبة التى كانت تحول أصعب الظروف وأحلك الأوقات إلى سعادة ومرح بظُرفك وقفشاتك الظريفة، وعزاؤنا أنك بعملك الصالح فى أحسن حال بالدار الآخرة بإذن الله، أخى الحبيب فى كل مرة كنت تسافر للعمل بالخارج، كنت أعد الأيام حتىتعود ونلتقى مرة أخرى، الآن أنا أعد الأيام لنلتقى فى جنة الخلد إن شاء الله رب العالمين.

الثلاثاء، 26 مايو 2009

الاستغفـــــــار..وصية الأنبياء وطوق النجاة


عبد الرحمن عمر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيد المستغفرين وإمام التائبين وعلى آله وصحبه الغُرِّ الميامين.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال سبحانك ظلمت نفسى وعملت سوءًا فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غُفرت ذنوبه ولو كانت كعدد النمل" (كنز العمال 5052) (1)، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (رواه الترمذى) وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم "كلُّ ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون" وتحدَّث صلى الله عليه وسلم عن فعله قائلاً: "إنى لأستغفر الله فى اليوم أكثر من سبعين مرة" وفى رواية "مائه مرة".
قال الإمام على كرم الله وجه: "العجب لمن يهلك ومعه النجاة قيل وما هى قال الاستغفار" (3) ولهذا اختار المشايخ رضوان الله عليهم الاستغفار لمريديهم وردًا يوميًّا، وعدم المداومة على الأوراد هى سبب كل بلاء، ولقد سمعت من سيدنا الشيخ عامر رضى الله عنه وأرضاه قوله: "ما أصابك إلا تقصيرك"؛ ولكن من رحمه الله علينا أنه جعل الاستغفار يغسل الذنوب كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَسِ. فمرض الذنوب علاجه موجود فى كتاب الله وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.
وفوائد الاستغفار كثيرة: منها إبدال السيئات حسناتٍ، يقول الله تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يُبَدِّلُ الله سيئاتهم حسنات" (الفرقان-70)، وقال الله تعالى "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفرو الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توَّابًا رحيمًا" (النساء- 64) أرأيت كيف أن الاستغفار يكون لأجل دفع ظلم الإنسان لنفسه بارتكابه المعاصى.
ومن الفوائد أيضًا نزول المطر الكثير وجلب الرزق من أموال وبنين وجنات وأنهار، وقد أوْصَى به الأنبياءُ جميعًا أتباعَهم وبَيَّنُوا فوائدَه العظيمة، يقول الله تعالى على لسان سيدنا نوح: "فقلتُ استغفروا ربَّكُم إنه كان غَفَّارًا ● يُرسل السماء عليكم مدرارا ● ويمددكم بأموال وبنين ● ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا" (نوح – 12:10).
ومنها جَلْبُ الرزق وزيادة القوَّة، يقول تعالى على لسان سيدنا هود: "ويا قوم استغفروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزيدكم قوة إلى قوتكم ولا تتوَّلَّوا مُجرمين" (هود – 52)، ومنها جلب رحمةِ ووُدِّ الله عز وجل، يقول تعالى على لسان سيدنا شعيب: "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود" (هود – 90)، ومن الفوائد أيضًا التعجيل بإجابة الدعاء، يقول تعالى: "وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب" (هود – 61)، و كذلك الملائكة يستغفرون للمؤمنين، قال تعالى: "الذين يحملون العرشَ ومَنْ حَوْلَه يُسَبِّحُون بحَمْدِ ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنو ربنا وَسِعْتَ كلَّ شئ رحمة وعلمًا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهِمْ عذابَ الجحيم" (غافر – 7)، ويقول تعالى: "تكاد السموات يتفطَّرْن من فوقهن والملائكة يُسبِّحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم" (الشورى – 5)، وقد أمر الله سبحانه وتعالى النبىَّ صلى الله عليه وسلم أن يستغفر، مع أنه صلى الله عليه وسلم ليس له ذنب.
ويُروى أنه لمَّا نزل قوله تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)
صاح إبليس (يعنى صرخ بأعلى صوته) بجنوده.. وحَثَا على رأسه التراب.. ودعا بالويل والثبور، حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، وقالوا له: مالك يا سيدنا؟
قال: آية نزلت فى كتاب الله، لا يُضَر بعدَها أحد من بنى آدم ذنب.
قالوا: وما هى؟ فأخبرهم.
فقالوا: نفتح لهم أبواب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق.
فرضى منهم بذلك.
إن الاستغفار فيه إظهار الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى ونحن أحوج ما نكون إليه، ونحن مأمورون بالاستغفار فى الرَّخَاءِ والشِّدَّة والليل والنهار. وفى الحديث القدسى: "يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنانَ السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ما كان منك ولا أُبالى" والكلام عن الاستغفار يطول، لكن المهم هو "الصدق" وأن يكون ناشئًا عن نَدَم. وفَّقَنا الله وإياكم لملازمة استغفار غافر الذنب وقابل التوب سبحانه وتعالى.


--------------


الهوامش



(1) ، (2)- كتاب المطية للشيخ أحمد الطاهر الحامدى ص74، 75.


الثلاثاء، 19 مايو 2009

كثرة الخطى إلى المساجد


عبد الرحمن عمر

عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات, إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط, فذلكم الرباط, فذلكم الرباط" رواه مالك، (وفى رواية على المكاره).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان" ابن ماجة والترمذى.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بشر المشَّائين فى الظًُلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" رواه ابن ماجه وأبو داوود.
ولقد سألت فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد – رضى الله عنه - عن الذهاب إلى المسجد بالسيارة فأجابنى قائلا: "إن كل لفة عجلة لك بها حسنة" وقد علَّق فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى بقوله: وهذا فقه جيد حيث إن المقصود ليس المشى بالقدم وإنما المراد السعى إلى المسجد بأىِّ وسيلة كانت، كما ورد فى حديث الاثنين الذيْن جاءا يسألان النبى فى الحج فقال لأحدهما: (فإنّك إذا خرجت من بيتك تؤمُّ البيت الحرام لا تضع ناقتك خفًّا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا عنك خطيئة) رواه الطبرانى فى "الكبير" والبزّار وابن حبَّان، ويدخل فى هذا السعى بالسيارة أو أى وسيلة أخرى حديثة.
فمن الطاعات التى لها فوائد عظيمة تعمير المساجد وكثرة الخطا إليها, يقول الله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة) (التوبة:18)، فهل سيترك الشيطان رواد المساجد يؤدُّون المناسك ويفوزون بهذا الثواب العظيم؟ ولقد حذرنا الله فى كتابه العزيز فقال: (إن الشيطان لكم عدو فاتَّخِذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) (فاطر:6).
وبسؤال فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد - رضى الله عنه – عن عداوة الشيطان للإنسان فقال إن الشيطان لا يحتمل أن يرى اثنين مسلمين فى وئام ومحبة فيظل وراءهم حتى يوقع بينهم العداوة والبغضاء ليبعدهم عن الطاعات.
وحينما سألته – رضى الله عنه – عن سبب الخلافات بين رواد المساجد فقال وهل سيذهب الشيطان إلى الخمارة؟ إن رواد الخمارات انتهى منهم الشيطان وهو الآن يحاول أن يخرب على رواد المساجد عبادتهم ويمنعهم من المواظبة على حضور صلاة الجماعة بالمسجد وحتى لا يزيد عدد المصلين ويبعدهم عن هذا الخير العظيم.
وقد حكى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عبادة بن الصامت عنه حيث قال: خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أى تخاصم وتنازع) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة) وعلى الرغم من البشارة الواردة فى الحديث فى قوله – صلى الله عليه وسلم -: (وعسى أن يكون خيرًا لكم) إلا أن الخصام والتنازع فى المساجد قد يكون سببًا فى الحرمان من خير كثير.
وكل هذه الخلافات وراءها عداوة الشيطان لنا فهل اتخذناه عدوًّا كما حذرنا الله سبحانه وتعالى؟
وآخر حيل الشيطان الآن لرواد المساجد التليفون المحمول, فحَدَثَ أننا كنا نصلى العشاء جماعة بالمسجد ورغم تحذير الإمام للمصلين بغلق التليفون المحمول, وبعد الدخول فى الصلاة أخذ يرن جرس تليفون محمول برنات غريبة وصاحبه يخرجه ويغلقه أكثر من مرة، وبعد الصلاة سأل الإمامُ صاحبَ التليفون: لماذا لم تغلق التليفون المحمول قبل الدخول فى الصلاة كما حذرنا من قبل؟ فردَّ: حتى أكون على اتصال بعملى فكان رد الإمام عليه: إذن قمْ فأعدْ صلاتك فإن الشيطان قد أفسدها عليك، (لأنه تحرك أكثر من حركة أخرجته عن صلاته)، ونحن حين نُكَبِّر تكبيرة الإحرام يجب أن نترك الدنيا وراء ظهورنا.
والآن.. وبعد أن وضحت الأمور وعلمنا عداوة الشيطان لنا, يجب علينا أن نرتفع فوق خلافاتنا وأن ندعو الله - سبحانه وتعالى - أن يكفينا شر الشيطان وعداوته وأن يوحِّد كلمة المسلمين حتى يكونوا على قلب رجل واحد.

الجمعة، 15 مايو 2009

صور بعض مشايخ سلسلة أهل الطريقة الطاهرية العامرية الخلوتية

45- فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى

44- فضيلة الشيخ مروان أحمد مروان

43- فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم




42- فضيلة الشيخ محمد الطاهر الحامدى



41- فضيلة الشيخ محمد الرملى

40 - فضيلة الشيخ عبد الجواد الدومى





الجمعة، 8 مايو 2009

3- فرح الكون بحمله صلى الله عليه وسلم


بقلم: عبد الرحمن عمر


اقتربت منى ابنتى وقالت لى حدثتنى فى العددين السابقين عن الحمدلة والحوقلة ووعدتنى بالحديث عن البسملة ولكنى أظن أنك ستؤجل الحديث عن البسملة فى هذا العدد حيث سيصدر فى شهر ربيع الأول بإذن الله، شهر الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، فقلت لها: هل تعتقدين أن الاحتفال بمولد النبى مقصورا على شهر ربيع الأول من كل عام؟ إن الاحتفال به صلى الله عليه وسلم بدأ من قبل مولده فقد احتفل الكون كله بيوم حمله وفى هذا يقول الشيخ الدردير فى قصة المولد: "وروى أن كل دابة لقريش نطقت فى تلك الليلة وقالت حُمِلَ برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورب الكعبة وهو إمام الدنيا وسراج أهلها، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا وأصبح منكوسا، وفرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات وكذالك حيتان البحار يبشر بعضها بعضا، وله فى كل شهر نداء فى الأرض ونداء فى السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ميمونا مباركا".
وفى هذا المعنى يقول: الشيخ على محمد سالم الطنطاوى فى نظمه المسمى (نور الصفا فى مولد المصطفى):


وَقَدْ نَطَقَتْ دَوَابُّ بَنِى قُرَيْـــشٍ
بَأَنْ حَمَلَــتْ مُطَهَّــرَةً مُحَمَّــد
تَبَشَّرَتِ الوحوشُ بـِـه فَهَاجَـتْ
كَذَا الحِيتَانُ فى بُشْرَى مُحَمَّد
وَجِنُّ الأرْضِ وَافَتْ كُلَّ حَــىٍّ
تُبَشِّرُه بِمَــنْ يُسْمَـــى مُحَمـَّــد
كَذَا الأصْنَامُ خَرَّتْ مِنْ عُلاهَا
مُنَكَّسَةً حَيـَــاءً مِـــنْ مُحَمَّـــد
وَأعْشَبَتِ الأراضِى بَعْد جــَدْبٍ
كَسَاهَــا اللهُ بالهَــادِى مُحَمَّـد


وهذا الفرح الذى عم الدنيا منذ حمله صلى الله عليه وسلم مازال مستمرا وإلى أن تقوم الساعة بإذن الله والصالحون يحتفلون بمولد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى كل لحظة، وندب صوم يوم الاثنين احتفالا بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ذلك يوم ولدت فيه) وكان يصومه.
وكل خير وصل إلينا إنما هو من فيضه وبركته وأقواله وهو الذى قال: "كل أمر ذى بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" وفى رواية أخرى "أبتر" أى قليل البركة، وأخرج الديلمى عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ مرفوعًا "أن المعلم إذا قال للصبى قل بسم الله الرحمن الرحيم فقالها كتب للمعلم والصبى وأبويه براءة من النار"، وروى عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله له عبادة سبعمائة سنة"، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قالت الجنة لبيك وسعديك اللهم إن عبدك فلانا قال بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم زَحْزِحْهُ عن النار وأدْخِلْهُ جنتك".
وإذا أراد العبد أن يحصل على ثواب أكبر فإنه يقول بسم الله الرحمن الرحيم وينوى بها تلاوة جزء من آية (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فى سورة النمل، فبذلك يأخذ على كل حرف عشر حسنات.
وفضائل البسملة كثيرة لا حصر لها، ولكن سوف أختم بقصة حَدَثَتْ لى، فقد كنت ذاهبًا لقضاء مصلحة بإحدى المصالح الحكومية ومَرَرْتُ على صديق لى يعمل بجوار المبنى فسألته إن كان يعرف أحدًا فى هذا المبنى، فقال لى نعم.. أعرف، فخُيِّلَ إلىَّ أنَّه سوف يقول لى اسم مسؤول، ولكنه قال لى عندما تضع رجليك على أعتاب المبنى قل بسم الله الرحمن الرحيم وسوف يتم كل شىء كما تحب، وعَمِلْتُ بنصيحته.. وأتمَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ ما كنتُ آمله على أحسن حال ببركة «بسم الله الرحمن الرحيم».

2- الحوقلة


بقلم: عبد الرحمن عمر

كنا جلوسا مع فضيلة الشيخ (مروان أحمد مروان) - رحمه الله وأعلى قدره وأظهر مقامه - فقال له أحد المريدين: نريد فائدة يا مولانا تيسر لنا الأرزاق.
وقد ترك الشيخ مروان صيدلية نبوية تتمثل في كتاب "نور القلوب لتفريج الهموم والكروب" الذى يتألف من سبعة عشر بابا فيه ما يحتاجه الإنسان من فوائد تيسر له حياته وتفرج عنه ضيقة، وكل هذا مأخوذ من الطب النبوى.
وكنا نرى فضيلة الشيخ مروان أيام فضيلة الشيخ "محمد الطاهر" شيخا جليلا ولكنه كان يرى نفسه مريدًا، وبعد انتقال فضيلة الشيخ "محمد الطاهر" التزم نفس الأسلوب مع فضيلة الشيخ "عامر عبد الرحيم سعيد" الذى كان فى أيام سيدنا الشيخ محمد الطاهر يقول لنا حينما شعر بزيادة تعلق الإخوان به: (أكبر دليل على مشيخة الشيخ الطاهر أنه يحكمنا وهو موجود فى الأقصر) وهذه الكلمات توزن بميزان الذهب، وكان يجلس فى حضرة الشيخ فى منتهى الأدب وكان جميع المشايخ من العلماء فى هذه الفترة أمثال الشيخ الأمير الحفني والشيخ حسين خليل والشيخ محمد فهمى والشيخ حسن عبد الجابر والشيخ المصرى والشيخ محمد الراوى والشيخ حنفى والشيخ عبد الرحيم عبد الجابر وآخرين تشعر بهم فى حضرة الشيخ أنهم مريدون أتوا لينالوا البركة من شيخهم.
وكنا نحبهم و نُجلهم لما نراه منهم من تواضع وزهد وكان قدرهم يزيد كلما زاد تواضعهم وقربهم من الشيخ وكانوا يعلموننا حب الشيخ والتعلق به كما يعلموننا الأوراد والفوائد، وكنا نشعر أن الطريقة عبارة عن مدرسة لها ناظر واحد والجميع طلبة وإذا حدث أن أراد أحد المريدين أخذ العهد وطلب من أحد العلماء ذلك يقول له انتظر حتى يحضر سيدنا الشيخ على الرغم من أنهم جميعًا مأذونين بالإرشاد.
نظرت ابنتى إلى وقالت: "كنت أظن أنك ستتحدث عن الحوقلة كما وعدتنى فى الجلسة السابقة و لكنى أراك قد غيرت الموضوع وتحدثت عن المشايخ رضى الله عنهم".
فقلت لها: وأنا عند وعدى وسوف أكمل إجابة الشيخ مروان على المريد الذى أراد فائدة لتيسير الأرزاق فقال له الشيخ مروان: ("قل الحوقلة" فرد المريد: "و ما الحوقلة؟" قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" كل يوم على قدر جهدك) وقصَّ عليه قصة عوف بن مالك الأشجعى - رضى الله عنه - الذى أسَرَ الأعداءُ ابنًا له يُدعى سالمًا فذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وحكى له عن ابنه فقال له النبى - صلى الله عليه و سلم - أكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فجعلها وزوجته وردا مستمرا من الصباح إلى المساء إلى أن سمعوا الباب يطرق ففتحاه ليجدا ابنهما الأسير أمامها وقد ساق إبل وخيل الأعداء أمامه وبعد أن استراح قصَّ عليهم ما حدث له، قال: "كنت مقيدًا وعلىَّ حارس فنام الحارس وقطعت الحبل المقيد به، فقمت وسقت أمامى كل هذه الأنعام فعلموا أن هذه ببركة الفائدة التى أعطاها إياهم رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وقد ورد (أنها كنز من كنوز الجنة) وفى رواية (كنز من كنوز تحت العرش) وأنها (دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم) وأنها (غراس الجنة) فقد روى الإمام أحمد بسند حسن أن النبى - صلى الله عليه و سلم - (ليلة عرج به إلى السماء مر على سيدنا إبراهيم - عليه السلام - فقال له يا محمد مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قال وما غراس الجنة؟ قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وأخرج ابن أبى الدنيا أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قال لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (مائة مرة) لم يصبه فقر أبدا) وهذا الحديث يدل على أنه ورد ومحدد العدد وله فائدة وهذا يثبت أن أوراد المشايخ سنة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وفى رواية: (يا معاذ أتدرى ما تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لا حول عن معصية الله إلا بقوة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، يا معاذ هكذا حدثنى جبريل عن رب العزة) رواه الديلمى عن ابن مسعود رضى الله عنه.وفى كتاب (ابن السنى) عن على - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا على.. ألا أعلمك كلمات إذا وقعت فى ورطة قلتها، قلت: بلى، جعلنى الله فداك، قال: (إذا وقعت فى ورطة فقل بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء) وقد قال الإمام النووى بأن الورطة معناها الهلاك، وسوف نتحدث فى اللقاء القادم إن شاء الله عن البسملة إن أبقانا الله.

1- الحـمـــد


بقلم: عبد الرحمن عمر



سألتنى ابنتى عن معنى كلمة (الحَمْدَلَة) فقلت لها: سوف أجيبك مما سمعته من مشايخنا رضوان الله عليهم، (الحمدلة) اختصار لكلمة (الحمد لله رب العالمين)، وهذا الاختصار يسمى عند علماء اللغة (النحت) مثلها مثل كلمة (الحوقلة) و(البسملة) ومعنى (الحوقلة): لا حول ولا قوة إلا بالله، ومعنى كلمة (البسملة): بسم الله الرحمن الرحيم، وسوف نتحدث اليوم عن فضل (الحمد لله).
ومعناها: الثناء الجميل على الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهى أول كلمة نطق بها أبو البشر سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ حينما وصلت الروح إلى رأسه فعَطِسَ فحَمِدَ الله، والحمد لله هى أول آية فى
فاتحة القرآن الكريم، وقد افتتح القرآن الكريم خمس سور بـ (الحمد لله) وهى: (1) سورة الفاتحة (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (2) سورة الأنعام (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) (3) سورة الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) (4) سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (5) سورة فاطر(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ)
* والحمد لله نبدأ بها الصلاة وأول كلمة نقولها عند الاستيقاظ من النوم (الحمد لله الذى بعثنى سالما سويا، أشهد أن الله يحى الموتى وهو على كل شئ قدير)، ويبدأ بها خطباء المساجد خطبة الجمعة (الحمد لله رب العالمين)، وتقال عند الجلوس لتناول الطعام (الحمد لله الذى رزقنا من غير حول منا ولا قوة) وبعد الفراغ منه (الحمد لله الذى أطمعنا وسقانا وجعلنا مسلمين) وبعد العطاس، وبعد الخروج من الخلاء تقول: الحمد لله الذى أذهب عنا الأذى وعافانا، وبعد شرب المياه، وسوف أقول لك فائدة سمعتها من فضيلة الشيخ عامر: أن من شرب الماء على ثلاث مرات وقال فى بداية كل مرة بسم الله وفى النهاية الحمد لله لا تعصى الله جوارحه ما دام الماء فى جسده. وعند عقد القران يبدأ العاقد بالحمد والثناء على الله، ونقول فى آخر الدعاء (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)، وأيضا فى السراء والضراء.
فقاطعتنى ابنتى وقالت لى: وفى السراء والضراء؟؟؟ تعودنا أن نحمد الله فى السراء فكيف نحمده فى الضراء؟
فقلت لها سوف أقص عليك قصة التابعى الجليل سيدنا
عروة لتوضح لك إجابة سؤالك؛ وهو سيدنا عروة بن الزبير بن العوام، وأمه السيدة أسماء بنت أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنهم جميعًا ـ، وقد أصيب سيدنا عروة بداء الأكلة (الغرغرينا) بإحدى رجليه، وقد قرر الطبيب بتر هذه الرجل المصابة وجاءوا له بشراب يفقده الوعى حتى لا يشعر بألم البتر، فرفض وقال افعلوا بى ما شئتم عندما ابدأ الصلاة، وعندما انتهى من صلاته
وقع مغشيًّا عليه، وعندما أفاق قال: الحمد لله، ثلاث مرات، فسئل علام تحمد الله؟ فقال: أحمد الله أن هناك رجلاً أخرى تركها الله لى، وفى نفس اليوم جاءه خبر موت أحب أبنائه إليه من ركلة حصان، فقال: الحمد لله، ثلاث مرات، وعندما سئل علام تحمد الله؟ قال: إن الله رزقنى بأربعة أبناء فأنا أحمده أنه أبقى لى ثلاثة.
فنظرت لى ابنتى باستغراب، وقالت: يا أبى أين نحن من هؤلاء القوم؟ فقلت لها سوف أقصُّ عليك مثالاً آخر لكي تعرفى أن القلب إذا امتلأ بالإيمان حمد الله فى السراء والضراء، فهناك تاجر معاصر كان عندما يكسب الصفقة يحمد الله، وعندما يخسر كان يحمد الله أيضا، وفى يوم أصبح بلا مال، وقال الحمد الله، وعندما سئل علام تحمد الله؟ قال: الحمد لله الذى أخذ مالى ولم يفضحنى، وكان من نتيجة هذا أن رزقه الله من حيث لا يحتسب وعاش مستورًا، وهذه الأحداث التى قصَصْتها هى تطبيق عملى لقوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) فمن يحمد الله فى السراء والضراء يكرمه الله فى الدنيا ويدخله الجنة فى الآخرة، قالت: كيف يشكر الله على الضراء مع قوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) فهل يزيدهم من شرها؟ قلت لها: لا ليس ذا، هذا فهم قاصر ضيق، بل يزيده رضاء بالقضاء، وهذا موافق لدعوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم رَضِّنِى بقضائك).
أرجو أن أكون قد أوضحت لك بعض معانى (الحمدلة)، وسوف نتكلم لاحقا ـ إن أبقانا الله ـ عن معنى (الحوقلة) و(البسملة). رزقنا الله وإياكم لسانا ذاكرًا و قلبًا شاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الثلاثاء، 28 أبريل 2009

اسم الله الفتاح


يقدم لنا الدكتور راتب النابلسى في برنامجه أسماء الله الحسنى شرح عن أعذب وأجمل أسماء في الكون إنها أسماء رب العزة جل جلاله سبحانه وتعالى .

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.. اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل، والوهم إلى أنوار المعرفة، والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات..
أيها الإخوة الكرام مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم الفتاح، وقد سمى الله ذاته العلية بالفتاح في نص واحد من النصوص القرآنية وهو قوله تعالى: { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ } ولم يرد هذه الاسم في السنة.
أيها الإخوة كما تعلمون الفتاح صيغة مبالغة على وزن فعال من اسم الفاعل فاتح فاتح فتاح.. الفعل فتح يفتح فتحا.. الفتح نقيض الإغلاق..
الله -عز وجل- يقول: { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء } وماذا يعني أن تفتح أبواب السماء؟ إذا فتحت لك أبواب السماء ألقى الله في قلبك نورا يريك الحق حقا، والباطل باطلا.. أكبر عطاء إلهي أن ينور قلبك أن تأتي رؤيتك صحيحا.. أن يأتي كلامك سديدا.. أن تأتي قيمك مما يرضي الله -عز وجل- إذا فتح لك باب السماء فتح لك باب التوفيق.. إذا فتح لك باب السماء فتح لك باب الحفظ.. إذا فتح لك أبواب السماء فتح لك باب الحكمة { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً }.
إذا فتح لك باب السماء فتح لك باب الرضا.. إذا فتح لك باب السماء فتح لك باب النصر.. شيء كبير جدا أن تفتح لك أبواب السماء.. فالذي يكذب بآيات الله الدالة على عظمته، ويستكبر عنها لا تفتح له أبواب السماء..
يقول -عليه الصلاة والسلام- "أعطيت مفاتيح الكلم ونصرت بالرعب " نحن تعلمنا في الجامعة في كلية الآداب أن أعلى نص في اللغة العربية بعد القرآن الكريم كلام النبي -عليه أتم الصلاة والتسليم- أعلى نص في اللغة العربية بعد القرآن الكريم كلام النبي -عليه أتم الصلاة والتسليم- قال مرة: "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وقريش أفصح قبائل العرب " قال هذا أسلوب يسمى أسلوب تأكيد المديح بما يشبه الذم، ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب..
هذا الأسلوب أسلوب بلاغي.. "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش" أوتي الفصاحة.. أوتي جوامع الكلم.. أوتي اللغة الناصعة.. أوتي البيان الرائع؛ لذلك أعلى نص في مستوى المتانة، والبلاغة، والإحكام، والروعة، والجمال بعد القرآن الكريم كلام النبي -عليه أتم الصلاة والتسليم- قال: "أوتيت مفاتح الكلم ونصرت بالرعب" حينما طبقت أمته منهجه نصرت بالرعب { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } يعني ما دامت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مطبقة في حياتهم.. ما كان الله ليعذبهم، ومن خلال هذه الآية يمكن أن تفسر ما يجري في العالم الإسلامي؛ لأنهم لم يطبقوا منهج نبيهم.. لم يأتمروا بما أمر الله، ولم ينتهوا عما نهى عنه الله.
لذلك أعدائهم سلطوا عليهم { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ }.. "أوتيت مفاتيح الكلم ونصرت بالرعب " أما حين لم تطبق أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- منهج النبي هزمت بالرعب..
أيها الإخوة من أدق الأحاديث التي تشير لهذا المعنى قول النبي -عليه الصلاة والسلام- والله كأنه معنا "يوشك الأمم أن تداعى عليكم " الأمم 30 دولة حليفة في عدد من بلاد المسلمين 30 دولة حلفاء "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " طعام نفيس، وناس جائعون.. تداعوا إلى هذه القصعة ليأكلوا، وكأن بلادنا قصعة، وكأن ثرواتنا قصعة، والأمم تداعت عليها قال: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " يعني في بعض البلاد في إفريقيا تم ذبح 800 ألف إنسان في أسبوع.. في روندا، والغرب لم يتدخل، وقال بعض زعماء الغرب لو تدخلنا لأنقذنا 400 ألف إنسان من الذبح.. ما تدخلوا.. ما في بترول هناك.. "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.. فقال قائل: يا رسول الله من قلة نحن يومئذ؟ يعني قلال.. فقال: بل أنتم يومئذ كثير".. مليار وخمسين مليون إنسان.. ربع سكان الأرض يتربعون على أهم المناطق في العالم مناطق إستراتيجية تحتهم ثروات لا يعلمها إلا الله، ومع ذلك متفرقون.. أعدائهم يتعاونون، وبينهم خمسة بالمائة قواسم مشتركة، والمسلمون يتقاتلون، والدماء تسيل في بلادهم، وبينهم خمسة وتسعين بالمائة قواسم مشتركة..
قالوا: يا رسول الله من قلة نحن يومئذ؟ قال: إنكم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل" تصور سيل عرمرم مخيف على سطح هذا السيل بعض القش هذا القش هل بإمكانه أن يغير مجرى السيل.. هل بإمكانه أن يوقف السيل.. هل بإمكانه أن يخفف من أخطار السيل، "ولكنكم غثاء كغثاء السيل" هذا الكلام قيل قبل 1400 عام "ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم" ينزع المهابة ما في هيبة؛ لأن قبل العدوان على العراق..
أعتقد في العالم صارت مظاهرات بالملايين في كل بلاد العالم إن تذكرتم ذلك، ومع ذلك غثاء كغثاء السيل "وليقذفن في قلوبكم الوهن [الضعف] قيل: يا رسول الله ما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت" هذا الحديث الشريف يصف حال المسلمين في آخر الزمان.. ينزع الله من قلوب أعدائهم المهابة.. لا يهابونهم.. لا يهابون نبيهم.. يشوهون صورته.. لا يهابون كتابهم.. لا يهابون دينهم.. يتهمون دينهم بأنه دين إرهاب، ودين قتل، ودين تخلف.
أيها الإخوة الفتاح في اللغة الذي يفتح.. يعني يحكم يفتح أبواب الحق.. نعم، والفتاح الحاكم، ومن معاني الفتاح أيضا الذي يفتح أبواب الخير أو يفتح أبواب التأديب للعصاة.. فيه فتح.. فتح أبواب الخير أو فتح أبواب التأديب أو الحكم بين المتخاصمين.
أيها الإخوة الفتاح -سبحانه وتعالى- هو الذي يفتح أبوبا الرحمة، والرزق لعباده أجمعين.. يعني كم دابة تذبح في اليوم كطعام للبشر؟ بالمليارات كم من الأطنان من القمح يستهلك البشر؟ كم من ا لأطنان من المواد الغذائية يستهلك البشر ؟ يفتح الله لعباده أبوب الخير كم من الأمطار يهطل كل عام؟ كل ثانية 16 مليار طن ينزل من السماء إلى الأرض كل ثانية بحار.. سحب.. أمطار.. جبال.. بحيرات.. أنهار.. أسماك.. أطيار.. حيوانات.. أنعام يفتح الله أبوبا الخير هو الفتاح العليم. يفتح أبواب الرزق.. يفتح أبواب العمل.. يعني كل واحد الله -عز وجل- مكنه من شيء، وجعله بحاجة إلى مليون شيء.. فنحن نعيش معا مقهورين؛ لأنه أنت تتقن شيء، وبحاجة إلى مليون شيء.
إذن الله -عز وجل- يفتح أبواب العمل جعل فيها معايش.. كم إنسان بيعيش على طول الشهر بالأرض؟ كم إنسان بيعيش على المرض؟ المستشفيات، والأطباء، والدراسات، والجامعات، وكليات الطب.. معامل الدواء.. كم إنسان بالأرض يعيش على المرض؟ فمرض الجسم أبواب للعيش.. كم إنسان بيعيش على الحر؟ المرطبات، والثلج، والتكييف، والمراوح.. كم إنسان بالأرض بيعيش على الحر؟ كم إنسان بيعيش على البرد؟ البرد أحد أسباب الرزق، والحر أحد أسباب الرزق، والمرض أحد أسباب الرزق.. وكم إنسان بيعيش على التعليم؟ كم معلم بالأرض؟ كم جامعة؟ كم مدرسة؟ وكم إنسان بيعيش على ترفيه الإنسان؟ المقاصف.. الأماكن الجديدة، والخدمات.. ملايين مملينة تعيش على ترفيه الإنسان.. ملايين مملينة تعيش على تعليم الجيل الصاعد.. ملايين مملينة تعيش على معالجة الأجسام.
الفتاح يفتح أبواب الرزق، وبعدين كل واحد منا الله مكنه من عمل يتقنه تماما.. تلاقي جراح القلب عمله سهل بيشق الجلد.. يأتي بالمنشار يقص عظم القص.. أنا شاهدت عدة أفلام لعمليات جراحة القلب.. شيء دقيق يأتي بكلابات.. يباعد القفص الصدري يصل إلى القلب.. يفتح القلب يصل إلى الدسام.. يبدل الدسام.. مكن الله هذا الإنسان من تبديل دسام في القلب، والقلب متعطل، والدم محول إلى قلب صناعي.. يعني أقول لهذا الجراح ما شاء الله.. الله مكنك من هذه الجراحة، وكل واحد الله مكنه من عمل لما الله -عز وجل- مكنك من عمل فيه.. عمل تجاري.. عمل صناعي.. عمل مهندس.. طبيب مثلا مدرس.. محامي.. قاضي.. صانع.. صناعي.. مزارع.
كل واحد الله مكنه من عمل.. مين فتح أبواب الرزق؟ الله -عز وجل- الله خلق مواد.. خلق غذاء.. بس كيف نقتسم هذا الغذاء؟ يعني تظهر حشرة في حقل صاحب الحقل يذهب إلى الصيدلي الزراعي يريه نمط من الآفة.. يصف له الدواء يشتري مرشه يذهب إلى البستان يرش هذا النبات كم إنسان يعيش من أمراض النبات الحشرات، والآفات، والمرشات، والأدوية، وما إلى غير ذلك؟
فلو نظرت إلى فتح أسباب الرزق لوجدت العجب العجاب بكل بلد.. بكل مدينة.. بكل محافظة.. بكل دولة فيه شعب شيء بالزراعة.. شيء بالصناعة.. شيء بالتجارة.. شيء وظيفة شيء جيش شرطة مثلا شيء بالتدرس..
الله -عز وجل- كل واحد فتح له باب للرزق.
إذن الله فتاح العوام بيقولوا يا فتاح يا عليم افتح لنا أبوب رحمتك.. فالفتاح -سبحانه وتعالى- هو الذي يفتح أبواب الرحمة، والرزق لعباده أجمعين، وأحيانا يفتح أبواب البلاء لامتحان المؤمنين.. بيظهر مرض يستنفر الناس.. يستنفر الأطباء.. يبحثون عن دواء.. صار فيه حركة.. يفتح أبوب الرزق، والحركة لعباده أجمعين، ويفتح أبواب البلاء لامتحان عباده المؤمنين.
الله -عز وجل- قال: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } أيضا فتح أيام تلاقي أمطار غزيرة.. أمطار تهطل في الليل.. تطلع، والشمس في النهار أحيانا مطر غزير.. أنهار ممتلئة.. الأرض خضراء.. يفتح الله أبواب الرزق، وحينما يعصي العباد ربهم.. حينما يقل ماء الحياء.. يقل ماء السماء { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } الآن التوحيد في آية بليغة قال: { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } الله فتح أبواب السماء.. فتح أبواب الأرض.. فتح أبواب كثيرة جدا.
{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الأمر بيد الله -عز وجل- هو القابض.. هو الباسط.. هو المعطي.. هو المانع.. هو الرافع.. هو الخافض.. هو المعز.. هو المذل.. أنت حينما تؤمن أن الأمر كله بيد الله، وأنه لا إله إلا الله، وأنه لا معطي إلا الله، ولا مانع إلا الله، ولا ناصر إلا الله، ولا معز إلا الله، ولا مذل إلا الله.. حينما تؤمن أن أمرك بيد الله تتجه إلى الله وحده.
أيها الإخوة، وأحيانا يتفح باب بلاء تلاقي زلزال إعصار فيضان مرض.. وباء. معنى الفتح الآخر الفتح السلبي.. فتح البلاء قال: { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } الآن فيه أمراض لم تكن معروفة من قبل.. مرض الإيدز كان الإنسان قديما لما يسافر، ويتعرض إلى تحرش أنثى به يقول: { مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} يقولك الله -عز وجل- أكرمني، وضبط نفسي، وكنت عفيف. شيء رائع الآن يمتنع لا خوفا من الله، ولكن خوفا من الإيدز.. أحبط الله أعمالهم.. كان يمتنع، ويكون عند الله بطل عفيف خاف من الله.. قال: { مَعَاذَ اللّهِ} { إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}.
الآن مع الأسف الشديد يمتنع.. لكن إني أخاف الإيدز.. بدل أن يخاف من الله يخاف من مرض.. فتح على البشر { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } لها عدة معاني..
الآية تحتمل معنى آخر.. إنه المال، والغنى، والبلاد الجميلة، والقوى العسكرية، والقوى الإعلامية، والأقمار الصناعية.. تصدر الشاشات.. التصريحات.. الاستعلاء.. الغطرسة.. الاستكبار { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} أو فتحنا عليهم أبواب أمراض لا يعلمها إلا الله { حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ }.


أيها الإخوة الفتاح هو الذي يحكم بين العباد.. يختلف شريكان، ويفصمان الشركة.. تحل الشركة الله -عز وجل- فتاح كيف يحكم على الظالم بعدم التوفيق، ويحكم على المظلوم بالتوفيق.. عقب فسخ شركة الله -عز وجل- مع المظلوم يوفق الشريك المظلوم، ويحبط مسعى الشريك الظالم زوجان يفترقان إذا كان الزوج ظالم الله -عز وجل- يبتليه بزوجة تكيل له الصاع عشرا، والزوجة المظلومة الله -عز وجل- بيهيأ لها زوج صالح يعرف قيمتها.. فالله بيحكم؛ لأن فيه حكم يوم القيامة، وفيه حكم بالدنيا.. فالتوفيق الإلهي حكم، والتعسير حكم.. فالله -عز وجل- يفتح بين عباده أن يحكموا على الظالم منهم لعدم التوفيق { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ }.
من معاني الفتاح اسم الله الفتاح أن الله يفتح خزائن جوده، وكرمه لعباده المؤمنين، ويفتح أبواب البلاء، والهلاك لأعدائه الكافرين.. تلاقي واحد إنسانة اشترت بيت مع أخيها من جمعية تعاونية، والبيت باسمها، وهي محامية.. أخوها وثق بأخته ما طلب أن يكون له اسم في البيت.. فالبيت ارتفع مائة ضعف لما صار ثمنه عشرين مليون طردته من البيت.. بيت باسمها، ولم تعبأ بحقه في السكنى، وعنده أولاد كثر.. فوالله أنا أحد أولاده حدثني عن قصة مؤلمة جدا.. قلت له: الله كبير، والله أيها الإخوة بعد شهر من هذا العدوان الظالم الآثم ابتليت بورم خبيث، وبعد شهر آخر توفيت، وذهبت إلى البيت، وألقيت كلمة في التعزية، ووريثها الوحيد أخوها عاد إلى البيت.. الله حكم، والله في قصص أيها الإخوة تدع الحليم حيران من العدل الإلهي.. لكن إحنا معظم قصصنا نعرفها من آخر فصل.. قد لا تفهم.. أما لو أنك تعرف قصة من أول فصل ترى عظمة الله -عز وجل- الله بيفتح.. يفتح بين عباده.. يحكم بينهم.
إذن هو الذي يفتح خزائن جوده، وكرمه لعباده الطائعين، ويفتح أبواب البلاء، والهلاك على الكافرين، وهو الذي يفتح على خلقه.. ما انغلق عليهم من أمورهم.. تلاقي مصائب.. مشكلات.. ضيق شديد.. ثم يفرج.. نزلت.. فلما استحكمت حلقاتها فرجت، وكان يظن أنها لا تفرج.
أيها الإخوة الفتاح من أسمائه.. يعني اسم ذات، والفتاح من أوصافه اسم صفة، والفتاح من أفعاله هو اسم ذات، واسم صفة، واسم فعل.. لكن كما قال بعض العلماء، وهو ابن القيم قال: الفتاح يفتح بالأقدار، ويفتح بالتكليف.. بيكلفك بتطبيق شيء ما بتطبقه.. بتدفع ثمنه؛ لأنه التكاليف الإلهية بينها، وبين النتائج علاقة علمية؛ لأنها علاقة سبب بنتيجة.. فأيام بيكلفك الله -عز وجل- فالذي لا ينصاع لحكم الله يدفع الثمن باهظا.. هذا تكليف، وفي له عقاب، وأحيانا الله -عز وجل- يكف بأس الذين كفروا على كل الآية التي قرأت قبل قليل { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } وفي آية ثانية { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ } يعني بالنهاية الله هو الحكم.. لو في بالأرض خلافات.. فيه نزاعات.. فيه مهاترات.. فيه خصومات.. من يحكم بين البشر يوم القيامة؟ هو الله -عز وجل-.
أيها الإخوة الشيء الدقيق عند مسلم من حديث أبي حميد (رضي الله عنه) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللهم افتح لي أبواب فضلك " وأنت في المسجد أنت بحاجة إلى أبواب رحمة الله تفتح لك.. فإذا خرجت من المسجد أنت بحاجة إلى أبواب الفضل.. أن تفتح لك ففي البيت، وفي الطريق، وفي العمل، وفي المستشفى، وفي المدرسة، وفي الجامعة، وفي الدكان، وفي الحقل الزراعي.. اسأله أن يتفح لك أبواب فضله.. تتوفق بزراعتك.. تتوفق بصناعتك.. تتوفق بتجارتك.. تتوفق بوظيفتك.. افتح لي أبواب فضلك، وإن دخلت إلى بيت من بيوت الله اسأله أن يفتح لك أبواب رحمته.
أيها الإخوة الكرام أيضا هذا الاسم يتصل بالمؤمن اتصال وثيق يفتح الله كل خير.. يفتح الله له باب الخير.. باب التأييد.. باب التوفيق.. باب النصر.
والحمد لله رب العالمين.