الجمعة، 11 ديسمبر 2009

دعوة للحب

يدعونا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى حديثه الشريف الذى يقول فيه (أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه، وأحبونى بحب الله إياى، وأحبوا أهل بيتى بحبى) رواه الترمذى.
هذه دعوة كريمة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وثلاث بُشرات:
الأولى- أن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى وأعظم نعمة أن اختارنا الله - سبحانه وتعالى - من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يفرض علينا حبنا لله، وحب الله فى ذاته نعمة ودليل على سابق حب الله لنا، يقول الله سبحانه وتعالى: (يحبهم ويحبونه)، ومن دعاء سيدنا الشيخ مصطفى البكرى رضى الله عنه فى وِرْدِ السَّحَر: (نسألك بحبك السابق فى يحبهم وبحبنا اللاحق فى يحبونه، أن تجعل محبتك العظمى وودك الأسمى شعارنا ودثارنا يا حبيب المحبين) والمقصود بشعارانا ودثارنا أن يكون حب الله تعالى ملتصقًا بنا ومحيطًا بنا، ومن أحبَّه الله عجَّل له الجنة فى الدنيا فعاش سعيدًا راضيا بكل ما يقضيه الله عليه ويقدره، ويرزقه التسليم والرضا، يقول الله تعالى: (رضى الله عنهم ورضوا عنه).
الثانية- أن حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضمن لنا القرب من جنابه الشريف المنيف فى الجنة، ورؤية وجهه الوضَّاء، ففى الحديث عن الصحابى الجليل ثوبان حينما رآه النبى صلى الله عليه وآله وسلم ووجهه شاحب فقال له: مالك يا ثوبان فقال يارسول الله حينما أشتاق إليك فى الدنيا آتى فأراك، أما فى الآخرة فلو دخلت الجنة سأكون فى مكان وأنت فى أعلى عليين وعندما أتذكر ذلك أحزن لأنى لا أراك، فقال له الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: أما علمت يا ثوبان أن المرء يحشر مع من أحب.
الثالثة- أن حب أهل البيت عرفان منا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما جاء به لنا ولجميع المسلمين من خير يقول الله سبحانه وتعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة فى القربى) ومعنى الآية أن مادلنا عليه النبى صلى الله عليه وآله وسلم يستحق عليه أجرًا لأن مَنْ دلنا على قطعة أرض لنبنى عليها منزلا من طوب وأسمنت وحديد أخذ أجره على هذه الدلالة وبعد ذلك نقوم باستخراج التراخيص وإحضار شركة مقاولات لإكمال البناء وهذا البناء يأخذ منا الجهد والمال وبعد كل هذه المعاناة نموت ونترك هذا المنزل، فكيف لمن دلنا على نعيم باق ونُزُلٍ أعدَّه الله بنفسه وهذا النعيم لا يتركنا ولا نتركه وقد قال الله: (خالدين فيها أبدا) ومنازل الجنة مبنيَّة من حجر من ذهب وآخر من فضة وقد سمعت فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى فى أحد الدروس يقول: لو كانت أحجار الجنة فخار دائم لكانت خيرا من ذهب زائل، ولو حاولنا وصف الجنة فلن نقدر على وصفها، ويكفينا قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فكل هذا النعيم فى مقابل مودة وحب أهل البيت والقيام بزيارتهم والدعاء لهم.
اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك وحب أهل بيته وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.