الجمعة، 29 مايو 2009

الأخ الحبيب سيف النصر عمر.. فى ذكراه الخامسة



مولده
ولد فى 14 فبراير 1952م.
نشأته
نشأ فى أسرة شريفة، فوالده شريف من نسل سيدنا الإمام الحسين ووالدته من نسل سيدنا الإمام الحسن رضى الله عنهم أجمعين، وفى بيت يحب العلماء والصالحين، وكان – رحمه الله – مواظبًا على حضور دروس العلم لفضيلة الشيخ محمد الطاهر وفضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم وفضيلة الشيخ عبد الرحيم عبد الجابر، وحضور مجالس الذكر بمسجد السباعى ببولاق أبو العلا، يومى الأحد والخميس من كل أسبوع، ولتعلقه بحب الشيخ صالح الجعفرى كان دائم الصلاة يوم الجمعة بالجامع الأزهر لحضور دروس علمه، وقد قام بتسجيل جميع حلقات الشيخ الشعراوى بالتليفزيون، وكان يسافر خلف الشيخ الشعراوى بالمحافظات لحضور دروس علمه كلما أمكنه ذلك، وهذا لشدة تعلقه بالعلماء والصالحين رحمهم الله تعالى جميعًا.
تربيته لأولاده
من أقواله المأثورة أن تربية الأبناء أمانة سوف نحاسب عليها أمام الله – سبحانه وتعالى – وهى استثمار جيد، وقد نجح – والحمد لله – فى تربية أبنائه كما كان يتمنى والوصول بهم إلى أعلى درجات العلم، واهتمامه بهم مضرب المثل، فقد كان يمضى الساعات الطويلة ينتظرهم بداخل السيارة وهم بالدروس الخصوصية ليعود بهم إلى المنزل أو ليذهب بهم لدرس آخر، دون كلل أو ملل، وفى بعض الليالى قد يعود بعد منتصف الليل وعنده عمل فى الصباح الباكر، ورغم هذا المجهود، كان فى منتهى الرضا بما يصنع.
عمله
عمل بوزارة الخارجية بعد تخرجه وكانت علاقته بزملائه تقوم على المحبة والود داخل العمل وخارجه، وجميع زملائه حتى اليوم على اتصال بأسرته ويصلونهم محبة ومودة لوالدهم، ولم أجد أحدًا بينه وبين المرحوم أى خلاف، وهذا من فضل الله عليه، وكان بحكم عمله كثير السفر إلى الخارج ولكنه لم ينقطع عن أهله للحظة.
كرمه
كان كرمه مضرب الأمثال، وله كلمة مأثورة كان دائمًا ما يرددها (إن النقود خلقت لتصرف) بشرط فيما يرضى الله، وكان دائم السؤال عن الفقراء والمحتاجين، وبمجرد علمه بظروف أى إنسان كان يقول يجب علينا الوقوف بجانبه، وكان ينفق إنفاق من لا يخاف الفقر ولا يخشاه.
انتقاله
لقد كانت أمنيته ألا يثقل على أحد بمرضه وقد حقَّقَ الله له أمنيته، وقد انتقل إلى رحمة الله وهو يمشى على رجليه، وكان انتقاله يوم الأحد 8/8/2004، وقد دفن بمقابر الأسرة بسفح المقطم أمام مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وقد ترك زوجة صالحة وفية دائمًا ما تذكره بكل خير وتحاول توصيل الخير إليه فى كل لحظة بالدعاء والصدقات، كما ترك ابنًا وابنة صالحين يدعوان له دائمًا، وأحفاد نسأل الله أن يمدهم ببركة جدهم.أخى الحبيب لقد غبت عنا بجسدك ولكنك معنا بروحك الطيبة التى كانت تحول أصعب الظروف وأحلك الأوقات إلى سعادة ومرح بظُرفك وقفشاتك الظريفة، وعزاؤنا أنك بعملك الصالح فى أحسن حال بالدار الآخرة بإذن الله، أخى الحبيب فى كل مرة كنت تسافر للعمل بالخارج، كنت أعد الأيام حتىتعود ونلتقى مرة أخرى، الآن أنا أعد الأيام لنلتقى فى جنة الخلد إن شاء الله رب العالمين.

الثلاثاء، 26 مايو 2009

الاستغفـــــــار..وصية الأنبياء وطوق النجاة


عبد الرحمن عمر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيد المستغفرين وإمام التائبين وعلى آله وصحبه الغُرِّ الميامين.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال سبحانك ظلمت نفسى وعملت سوءًا فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غُفرت ذنوبه ولو كانت كعدد النمل" (كنز العمال 5052) (1)، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (رواه الترمذى) وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم "كلُّ ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون" وتحدَّث صلى الله عليه وسلم عن فعله قائلاً: "إنى لأستغفر الله فى اليوم أكثر من سبعين مرة" وفى رواية "مائه مرة".
قال الإمام على كرم الله وجه: "العجب لمن يهلك ومعه النجاة قيل وما هى قال الاستغفار" (3) ولهذا اختار المشايخ رضوان الله عليهم الاستغفار لمريديهم وردًا يوميًّا، وعدم المداومة على الأوراد هى سبب كل بلاء، ولقد سمعت من سيدنا الشيخ عامر رضى الله عنه وأرضاه قوله: "ما أصابك إلا تقصيرك"؛ ولكن من رحمه الله علينا أنه جعل الاستغفار يغسل الذنوب كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَسِ. فمرض الذنوب علاجه موجود فى كتاب الله وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.
وفوائد الاستغفار كثيرة: منها إبدال السيئات حسناتٍ، يقول الله تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يُبَدِّلُ الله سيئاتهم حسنات" (الفرقان-70)، وقال الله تعالى "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفرو الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توَّابًا رحيمًا" (النساء- 64) أرأيت كيف أن الاستغفار يكون لأجل دفع ظلم الإنسان لنفسه بارتكابه المعاصى.
ومن الفوائد أيضًا نزول المطر الكثير وجلب الرزق من أموال وبنين وجنات وأنهار، وقد أوْصَى به الأنبياءُ جميعًا أتباعَهم وبَيَّنُوا فوائدَه العظيمة، يقول الله تعالى على لسان سيدنا نوح: "فقلتُ استغفروا ربَّكُم إنه كان غَفَّارًا ● يُرسل السماء عليكم مدرارا ● ويمددكم بأموال وبنين ● ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا" (نوح – 12:10).
ومنها جَلْبُ الرزق وزيادة القوَّة، يقول تعالى على لسان سيدنا هود: "ويا قوم استغفروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزيدكم قوة إلى قوتكم ولا تتوَّلَّوا مُجرمين" (هود – 52)، ومنها جلب رحمةِ ووُدِّ الله عز وجل، يقول تعالى على لسان سيدنا شعيب: "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود" (هود – 90)، ومن الفوائد أيضًا التعجيل بإجابة الدعاء، يقول تعالى: "وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب" (هود – 61)، و كذلك الملائكة يستغفرون للمؤمنين، قال تعالى: "الذين يحملون العرشَ ومَنْ حَوْلَه يُسَبِّحُون بحَمْدِ ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنو ربنا وَسِعْتَ كلَّ شئ رحمة وعلمًا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهِمْ عذابَ الجحيم" (غافر – 7)، ويقول تعالى: "تكاد السموات يتفطَّرْن من فوقهن والملائكة يُسبِّحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم" (الشورى – 5)، وقد أمر الله سبحانه وتعالى النبىَّ صلى الله عليه وسلم أن يستغفر، مع أنه صلى الله عليه وسلم ليس له ذنب.
ويُروى أنه لمَّا نزل قوله تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)
صاح إبليس (يعنى صرخ بأعلى صوته) بجنوده.. وحَثَا على رأسه التراب.. ودعا بالويل والثبور، حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، وقالوا له: مالك يا سيدنا؟
قال: آية نزلت فى كتاب الله، لا يُضَر بعدَها أحد من بنى آدم ذنب.
قالوا: وما هى؟ فأخبرهم.
فقالوا: نفتح لهم أبواب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق.
فرضى منهم بذلك.
إن الاستغفار فيه إظهار الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى ونحن أحوج ما نكون إليه، ونحن مأمورون بالاستغفار فى الرَّخَاءِ والشِّدَّة والليل والنهار. وفى الحديث القدسى: "يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنانَ السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ما كان منك ولا أُبالى" والكلام عن الاستغفار يطول، لكن المهم هو "الصدق" وأن يكون ناشئًا عن نَدَم. وفَّقَنا الله وإياكم لملازمة استغفار غافر الذنب وقابل التوب سبحانه وتعالى.


--------------


الهوامش



(1) ، (2)- كتاب المطية للشيخ أحمد الطاهر الحامدى ص74، 75.


الثلاثاء، 19 مايو 2009

كثرة الخطى إلى المساجد


عبد الرحمن عمر

عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات, إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط, فذلكم الرباط, فذلكم الرباط" رواه مالك، (وفى رواية على المكاره).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان" ابن ماجة والترمذى.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بشر المشَّائين فى الظًُلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" رواه ابن ماجه وأبو داوود.
ولقد سألت فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد – رضى الله عنه - عن الذهاب إلى المسجد بالسيارة فأجابنى قائلا: "إن كل لفة عجلة لك بها حسنة" وقد علَّق فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى بقوله: وهذا فقه جيد حيث إن المقصود ليس المشى بالقدم وإنما المراد السعى إلى المسجد بأىِّ وسيلة كانت، كما ورد فى حديث الاثنين الذيْن جاءا يسألان النبى فى الحج فقال لأحدهما: (فإنّك إذا خرجت من بيتك تؤمُّ البيت الحرام لا تضع ناقتك خفًّا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا عنك خطيئة) رواه الطبرانى فى "الكبير" والبزّار وابن حبَّان، ويدخل فى هذا السعى بالسيارة أو أى وسيلة أخرى حديثة.
فمن الطاعات التى لها فوائد عظيمة تعمير المساجد وكثرة الخطا إليها, يقول الله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة) (التوبة:18)، فهل سيترك الشيطان رواد المساجد يؤدُّون المناسك ويفوزون بهذا الثواب العظيم؟ ولقد حذرنا الله فى كتابه العزيز فقال: (إن الشيطان لكم عدو فاتَّخِذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) (فاطر:6).
وبسؤال فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد - رضى الله عنه – عن عداوة الشيطان للإنسان فقال إن الشيطان لا يحتمل أن يرى اثنين مسلمين فى وئام ومحبة فيظل وراءهم حتى يوقع بينهم العداوة والبغضاء ليبعدهم عن الطاعات.
وحينما سألته – رضى الله عنه – عن سبب الخلافات بين رواد المساجد فقال وهل سيذهب الشيطان إلى الخمارة؟ إن رواد الخمارات انتهى منهم الشيطان وهو الآن يحاول أن يخرب على رواد المساجد عبادتهم ويمنعهم من المواظبة على حضور صلاة الجماعة بالمسجد وحتى لا يزيد عدد المصلين ويبعدهم عن هذا الخير العظيم.
وقد حكى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عبادة بن الصامت عنه حيث قال: خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أى تخاصم وتنازع) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة) وعلى الرغم من البشارة الواردة فى الحديث فى قوله – صلى الله عليه وسلم -: (وعسى أن يكون خيرًا لكم) إلا أن الخصام والتنازع فى المساجد قد يكون سببًا فى الحرمان من خير كثير.
وكل هذه الخلافات وراءها عداوة الشيطان لنا فهل اتخذناه عدوًّا كما حذرنا الله سبحانه وتعالى؟
وآخر حيل الشيطان الآن لرواد المساجد التليفون المحمول, فحَدَثَ أننا كنا نصلى العشاء جماعة بالمسجد ورغم تحذير الإمام للمصلين بغلق التليفون المحمول, وبعد الدخول فى الصلاة أخذ يرن جرس تليفون محمول برنات غريبة وصاحبه يخرجه ويغلقه أكثر من مرة، وبعد الصلاة سأل الإمامُ صاحبَ التليفون: لماذا لم تغلق التليفون المحمول قبل الدخول فى الصلاة كما حذرنا من قبل؟ فردَّ: حتى أكون على اتصال بعملى فكان رد الإمام عليه: إذن قمْ فأعدْ صلاتك فإن الشيطان قد أفسدها عليك، (لأنه تحرك أكثر من حركة أخرجته عن صلاته)، ونحن حين نُكَبِّر تكبيرة الإحرام يجب أن نترك الدنيا وراء ظهورنا.
والآن.. وبعد أن وضحت الأمور وعلمنا عداوة الشيطان لنا, يجب علينا أن نرتفع فوق خلافاتنا وأن ندعو الله - سبحانه وتعالى - أن يكفينا شر الشيطان وعداوته وأن يوحِّد كلمة المسلمين حتى يكونوا على قلب رجل واحد.

الجمعة، 15 مايو 2009

صور بعض مشايخ سلسلة أهل الطريقة الطاهرية العامرية الخلوتية

45- فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى

44- فضيلة الشيخ مروان أحمد مروان

43- فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم




42- فضيلة الشيخ محمد الطاهر الحامدى



41- فضيلة الشيخ محمد الرملى

40 - فضيلة الشيخ عبد الجواد الدومى





الجمعة، 8 مايو 2009

3- فرح الكون بحمله صلى الله عليه وسلم


بقلم: عبد الرحمن عمر


اقتربت منى ابنتى وقالت لى حدثتنى فى العددين السابقين عن الحمدلة والحوقلة ووعدتنى بالحديث عن البسملة ولكنى أظن أنك ستؤجل الحديث عن البسملة فى هذا العدد حيث سيصدر فى شهر ربيع الأول بإذن الله، شهر الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، فقلت لها: هل تعتقدين أن الاحتفال بمولد النبى مقصورا على شهر ربيع الأول من كل عام؟ إن الاحتفال به صلى الله عليه وسلم بدأ من قبل مولده فقد احتفل الكون كله بيوم حمله وفى هذا يقول الشيخ الدردير فى قصة المولد: "وروى أن كل دابة لقريش نطقت فى تلك الليلة وقالت حُمِلَ برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورب الكعبة وهو إمام الدنيا وسراج أهلها، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا وأصبح منكوسا، وفرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات وكذالك حيتان البحار يبشر بعضها بعضا، وله فى كل شهر نداء فى الأرض ونداء فى السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ميمونا مباركا".
وفى هذا المعنى يقول: الشيخ على محمد سالم الطنطاوى فى نظمه المسمى (نور الصفا فى مولد المصطفى):


وَقَدْ نَطَقَتْ دَوَابُّ بَنِى قُرَيْـــشٍ
بَأَنْ حَمَلَــتْ مُطَهَّــرَةً مُحَمَّــد
تَبَشَّرَتِ الوحوشُ بـِـه فَهَاجَـتْ
كَذَا الحِيتَانُ فى بُشْرَى مُحَمَّد
وَجِنُّ الأرْضِ وَافَتْ كُلَّ حَــىٍّ
تُبَشِّرُه بِمَــنْ يُسْمَـــى مُحَمـَّــد
كَذَا الأصْنَامُ خَرَّتْ مِنْ عُلاهَا
مُنَكَّسَةً حَيـَــاءً مِـــنْ مُحَمَّـــد
وَأعْشَبَتِ الأراضِى بَعْد جــَدْبٍ
كَسَاهَــا اللهُ بالهَــادِى مُحَمَّـد


وهذا الفرح الذى عم الدنيا منذ حمله صلى الله عليه وسلم مازال مستمرا وإلى أن تقوم الساعة بإذن الله والصالحون يحتفلون بمولد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى كل لحظة، وندب صوم يوم الاثنين احتفالا بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ذلك يوم ولدت فيه) وكان يصومه.
وكل خير وصل إلينا إنما هو من فيضه وبركته وأقواله وهو الذى قال: "كل أمر ذى بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" وفى رواية أخرى "أبتر" أى قليل البركة، وأخرج الديلمى عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ مرفوعًا "أن المعلم إذا قال للصبى قل بسم الله الرحمن الرحيم فقالها كتب للمعلم والصبى وأبويه براءة من النار"، وروى عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله له عبادة سبعمائة سنة"، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قالت الجنة لبيك وسعديك اللهم إن عبدك فلانا قال بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم زَحْزِحْهُ عن النار وأدْخِلْهُ جنتك".
وإذا أراد العبد أن يحصل على ثواب أكبر فإنه يقول بسم الله الرحمن الرحيم وينوى بها تلاوة جزء من آية (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فى سورة النمل، فبذلك يأخذ على كل حرف عشر حسنات.
وفضائل البسملة كثيرة لا حصر لها، ولكن سوف أختم بقصة حَدَثَتْ لى، فقد كنت ذاهبًا لقضاء مصلحة بإحدى المصالح الحكومية ومَرَرْتُ على صديق لى يعمل بجوار المبنى فسألته إن كان يعرف أحدًا فى هذا المبنى، فقال لى نعم.. أعرف، فخُيِّلَ إلىَّ أنَّه سوف يقول لى اسم مسؤول، ولكنه قال لى عندما تضع رجليك على أعتاب المبنى قل بسم الله الرحمن الرحيم وسوف يتم كل شىء كما تحب، وعَمِلْتُ بنصيحته.. وأتمَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ ما كنتُ آمله على أحسن حال ببركة «بسم الله الرحمن الرحيم».

2- الحوقلة


بقلم: عبد الرحمن عمر

كنا جلوسا مع فضيلة الشيخ (مروان أحمد مروان) - رحمه الله وأعلى قدره وأظهر مقامه - فقال له أحد المريدين: نريد فائدة يا مولانا تيسر لنا الأرزاق.
وقد ترك الشيخ مروان صيدلية نبوية تتمثل في كتاب "نور القلوب لتفريج الهموم والكروب" الذى يتألف من سبعة عشر بابا فيه ما يحتاجه الإنسان من فوائد تيسر له حياته وتفرج عنه ضيقة، وكل هذا مأخوذ من الطب النبوى.
وكنا نرى فضيلة الشيخ مروان أيام فضيلة الشيخ "محمد الطاهر" شيخا جليلا ولكنه كان يرى نفسه مريدًا، وبعد انتقال فضيلة الشيخ "محمد الطاهر" التزم نفس الأسلوب مع فضيلة الشيخ "عامر عبد الرحيم سعيد" الذى كان فى أيام سيدنا الشيخ محمد الطاهر يقول لنا حينما شعر بزيادة تعلق الإخوان به: (أكبر دليل على مشيخة الشيخ الطاهر أنه يحكمنا وهو موجود فى الأقصر) وهذه الكلمات توزن بميزان الذهب، وكان يجلس فى حضرة الشيخ فى منتهى الأدب وكان جميع المشايخ من العلماء فى هذه الفترة أمثال الشيخ الأمير الحفني والشيخ حسين خليل والشيخ محمد فهمى والشيخ حسن عبد الجابر والشيخ المصرى والشيخ محمد الراوى والشيخ حنفى والشيخ عبد الرحيم عبد الجابر وآخرين تشعر بهم فى حضرة الشيخ أنهم مريدون أتوا لينالوا البركة من شيخهم.
وكنا نحبهم و نُجلهم لما نراه منهم من تواضع وزهد وكان قدرهم يزيد كلما زاد تواضعهم وقربهم من الشيخ وكانوا يعلموننا حب الشيخ والتعلق به كما يعلموننا الأوراد والفوائد، وكنا نشعر أن الطريقة عبارة عن مدرسة لها ناظر واحد والجميع طلبة وإذا حدث أن أراد أحد المريدين أخذ العهد وطلب من أحد العلماء ذلك يقول له انتظر حتى يحضر سيدنا الشيخ على الرغم من أنهم جميعًا مأذونين بالإرشاد.
نظرت ابنتى إلى وقالت: "كنت أظن أنك ستتحدث عن الحوقلة كما وعدتنى فى الجلسة السابقة و لكنى أراك قد غيرت الموضوع وتحدثت عن المشايخ رضى الله عنهم".
فقلت لها: وأنا عند وعدى وسوف أكمل إجابة الشيخ مروان على المريد الذى أراد فائدة لتيسير الأرزاق فقال له الشيخ مروان: ("قل الحوقلة" فرد المريد: "و ما الحوقلة؟" قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" كل يوم على قدر جهدك) وقصَّ عليه قصة عوف بن مالك الأشجعى - رضى الله عنه - الذى أسَرَ الأعداءُ ابنًا له يُدعى سالمًا فذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وحكى له عن ابنه فقال له النبى - صلى الله عليه و سلم - أكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فجعلها وزوجته وردا مستمرا من الصباح إلى المساء إلى أن سمعوا الباب يطرق ففتحاه ليجدا ابنهما الأسير أمامها وقد ساق إبل وخيل الأعداء أمامه وبعد أن استراح قصَّ عليهم ما حدث له، قال: "كنت مقيدًا وعلىَّ حارس فنام الحارس وقطعت الحبل المقيد به، فقمت وسقت أمامى كل هذه الأنعام فعلموا أن هذه ببركة الفائدة التى أعطاها إياهم رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وقد ورد (أنها كنز من كنوز الجنة) وفى رواية (كنز من كنوز تحت العرش) وأنها (دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم) وأنها (غراس الجنة) فقد روى الإمام أحمد بسند حسن أن النبى - صلى الله عليه و سلم - (ليلة عرج به إلى السماء مر على سيدنا إبراهيم - عليه السلام - فقال له يا محمد مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قال وما غراس الجنة؟ قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وأخرج ابن أبى الدنيا أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قال لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (مائة مرة) لم يصبه فقر أبدا) وهذا الحديث يدل على أنه ورد ومحدد العدد وله فائدة وهذا يثبت أن أوراد المشايخ سنة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وفى رواية: (يا معاذ أتدرى ما تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لا حول عن معصية الله إلا بقوة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، يا معاذ هكذا حدثنى جبريل عن رب العزة) رواه الديلمى عن ابن مسعود رضى الله عنه.وفى كتاب (ابن السنى) عن على - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا على.. ألا أعلمك كلمات إذا وقعت فى ورطة قلتها، قلت: بلى، جعلنى الله فداك، قال: (إذا وقعت فى ورطة فقل بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء) وقد قال الإمام النووى بأن الورطة معناها الهلاك، وسوف نتحدث فى اللقاء القادم إن شاء الله عن البسملة إن أبقانا الله.

1- الحـمـــد


بقلم: عبد الرحمن عمر



سألتنى ابنتى عن معنى كلمة (الحَمْدَلَة) فقلت لها: سوف أجيبك مما سمعته من مشايخنا رضوان الله عليهم، (الحمدلة) اختصار لكلمة (الحمد لله رب العالمين)، وهذا الاختصار يسمى عند علماء اللغة (النحت) مثلها مثل كلمة (الحوقلة) و(البسملة) ومعنى (الحوقلة): لا حول ولا قوة إلا بالله، ومعنى كلمة (البسملة): بسم الله الرحمن الرحيم، وسوف نتحدث اليوم عن فضل (الحمد لله).
ومعناها: الثناء الجميل على الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهى أول كلمة نطق بها أبو البشر سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ حينما وصلت الروح إلى رأسه فعَطِسَ فحَمِدَ الله، والحمد لله هى أول آية فى
فاتحة القرآن الكريم، وقد افتتح القرآن الكريم خمس سور بـ (الحمد لله) وهى: (1) سورة الفاتحة (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (2) سورة الأنعام (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) (3) سورة الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) (4) سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (5) سورة فاطر(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ)
* والحمد لله نبدأ بها الصلاة وأول كلمة نقولها عند الاستيقاظ من النوم (الحمد لله الذى بعثنى سالما سويا، أشهد أن الله يحى الموتى وهو على كل شئ قدير)، ويبدأ بها خطباء المساجد خطبة الجمعة (الحمد لله رب العالمين)، وتقال عند الجلوس لتناول الطعام (الحمد لله الذى رزقنا من غير حول منا ولا قوة) وبعد الفراغ منه (الحمد لله الذى أطمعنا وسقانا وجعلنا مسلمين) وبعد العطاس، وبعد الخروج من الخلاء تقول: الحمد لله الذى أذهب عنا الأذى وعافانا، وبعد شرب المياه، وسوف أقول لك فائدة سمعتها من فضيلة الشيخ عامر: أن من شرب الماء على ثلاث مرات وقال فى بداية كل مرة بسم الله وفى النهاية الحمد لله لا تعصى الله جوارحه ما دام الماء فى جسده. وعند عقد القران يبدأ العاقد بالحمد والثناء على الله، ونقول فى آخر الدعاء (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)، وأيضا فى السراء والضراء.
فقاطعتنى ابنتى وقالت لى: وفى السراء والضراء؟؟؟ تعودنا أن نحمد الله فى السراء فكيف نحمده فى الضراء؟
فقلت لها سوف أقص عليك قصة التابعى الجليل سيدنا
عروة لتوضح لك إجابة سؤالك؛ وهو سيدنا عروة بن الزبير بن العوام، وأمه السيدة أسماء بنت أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنهم جميعًا ـ، وقد أصيب سيدنا عروة بداء الأكلة (الغرغرينا) بإحدى رجليه، وقد قرر الطبيب بتر هذه الرجل المصابة وجاءوا له بشراب يفقده الوعى حتى لا يشعر بألم البتر، فرفض وقال افعلوا بى ما شئتم عندما ابدأ الصلاة، وعندما انتهى من صلاته
وقع مغشيًّا عليه، وعندما أفاق قال: الحمد لله، ثلاث مرات، فسئل علام تحمد الله؟ فقال: أحمد الله أن هناك رجلاً أخرى تركها الله لى، وفى نفس اليوم جاءه خبر موت أحب أبنائه إليه من ركلة حصان، فقال: الحمد لله، ثلاث مرات، وعندما سئل علام تحمد الله؟ قال: إن الله رزقنى بأربعة أبناء فأنا أحمده أنه أبقى لى ثلاثة.
فنظرت لى ابنتى باستغراب، وقالت: يا أبى أين نحن من هؤلاء القوم؟ فقلت لها سوف أقصُّ عليك مثالاً آخر لكي تعرفى أن القلب إذا امتلأ بالإيمان حمد الله فى السراء والضراء، فهناك تاجر معاصر كان عندما يكسب الصفقة يحمد الله، وعندما يخسر كان يحمد الله أيضا، وفى يوم أصبح بلا مال، وقال الحمد الله، وعندما سئل علام تحمد الله؟ قال: الحمد لله الذى أخذ مالى ولم يفضحنى، وكان من نتيجة هذا أن رزقه الله من حيث لا يحتسب وعاش مستورًا، وهذه الأحداث التى قصَصْتها هى تطبيق عملى لقوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) فمن يحمد الله فى السراء والضراء يكرمه الله فى الدنيا ويدخله الجنة فى الآخرة، قالت: كيف يشكر الله على الضراء مع قوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) فهل يزيدهم من شرها؟ قلت لها: لا ليس ذا، هذا فهم قاصر ضيق، بل يزيده رضاء بالقضاء، وهذا موافق لدعوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم رَضِّنِى بقضائك).
أرجو أن أكون قد أوضحت لك بعض معانى (الحمدلة)، وسوف نتكلم لاحقا ـ إن أبقانا الله ـ عن معنى (الحوقلة) و(البسملة). رزقنا الله وإياكم لسانا ذاكرًا و قلبًا شاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.