الثلاثاء، 26 مايو 2009

الاستغفـــــــار..وصية الأنبياء وطوق النجاة


عبد الرحمن عمر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيد المستغفرين وإمام التائبين وعلى آله وصحبه الغُرِّ الميامين.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال سبحانك ظلمت نفسى وعملت سوءًا فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غُفرت ذنوبه ولو كانت كعدد النمل" (كنز العمال 5052) (1)، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (رواه الترمذى) وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم "كلُّ ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون" وتحدَّث صلى الله عليه وسلم عن فعله قائلاً: "إنى لأستغفر الله فى اليوم أكثر من سبعين مرة" وفى رواية "مائه مرة".
قال الإمام على كرم الله وجه: "العجب لمن يهلك ومعه النجاة قيل وما هى قال الاستغفار" (3) ولهذا اختار المشايخ رضوان الله عليهم الاستغفار لمريديهم وردًا يوميًّا، وعدم المداومة على الأوراد هى سبب كل بلاء، ولقد سمعت من سيدنا الشيخ عامر رضى الله عنه وأرضاه قوله: "ما أصابك إلا تقصيرك"؛ ولكن من رحمه الله علينا أنه جعل الاستغفار يغسل الذنوب كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَسِ. فمرض الذنوب علاجه موجود فى كتاب الله وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.
وفوائد الاستغفار كثيرة: منها إبدال السيئات حسناتٍ، يقول الله تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يُبَدِّلُ الله سيئاتهم حسنات" (الفرقان-70)، وقال الله تعالى "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفرو الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توَّابًا رحيمًا" (النساء- 64) أرأيت كيف أن الاستغفار يكون لأجل دفع ظلم الإنسان لنفسه بارتكابه المعاصى.
ومن الفوائد أيضًا نزول المطر الكثير وجلب الرزق من أموال وبنين وجنات وأنهار، وقد أوْصَى به الأنبياءُ جميعًا أتباعَهم وبَيَّنُوا فوائدَه العظيمة، يقول الله تعالى على لسان سيدنا نوح: "فقلتُ استغفروا ربَّكُم إنه كان غَفَّارًا ● يُرسل السماء عليكم مدرارا ● ويمددكم بأموال وبنين ● ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا" (نوح – 12:10).
ومنها جَلْبُ الرزق وزيادة القوَّة، يقول تعالى على لسان سيدنا هود: "ويا قوم استغفروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزيدكم قوة إلى قوتكم ولا تتوَّلَّوا مُجرمين" (هود – 52)، ومنها جلب رحمةِ ووُدِّ الله عز وجل، يقول تعالى على لسان سيدنا شعيب: "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود" (هود – 90)، ومن الفوائد أيضًا التعجيل بإجابة الدعاء، يقول تعالى: "وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب" (هود – 61)، و كذلك الملائكة يستغفرون للمؤمنين، قال تعالى: "الذين يحملون العرشَ ومَنْ حَوْلَه يُسَبِّحُون بحَمْدِ ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنو ربنا وَسِعْتَ كلَّ شئ رحمة وعلمًا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهِمْ عذابَ الجحيم" (غافر – 7)، ويقول تعالى: "تكاد السموات يتفطَّرْن من فوقهن والملائكة يُسبِّحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم" (الشورى – 5)، وقد أمر الله سبحانه وتعالى النبىَّ صلى الله عليه وسلم أن يستغفر، مع أنه صلى الله عليه وسلم ليس له ذنب.
ويُروى أنه لمَّا نزل قوله تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)
صاح إبليس (يعنى صرخ بأعلى صوته) بجنوده.. وحَثَا على رأسه التراب.. ودعا بالويل والثبور، حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، وقالوا له: مالك يا سيدنا؟
قال: آية نزلت فى كتاب الله، لا يُضَر بعدَها أحد من بنى آدم ذنب.
قالوا: وما هى؟ فأخبرهم.
فقالوا: نفتح لهم أبواب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق.
فرضى منهم بذلك.
إن الاستغفار فيه إظهار الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى ونحن أحوج ما نكون إليه، ونحن مأمورون بالاستغفار فى الرَّخَاءِ والشِّدَّة والليل والنهار. وفى الحديث القدسى: "يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنانَ السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ما كان منك ولا أُبالى" والكلام عن الاستغفار يطول، لكن المهم هو "الصدق" وأن يكون ناشئًا عن نَدَم. وفَّقَنا الله وإياكم لملازمة استغفار غافر الذنب وقابل التوب سبحانه وتعالى.


--------------


الهوامش



(1) ، (2)- كتاب المطية للشيخ أحمد الطاهر الحامدى ص74، 75.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق