الثلاثاء، 19 مايو 2009

كثرة الخطى إلى المساجد


عبد الرحمن عمر

عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات, إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط, فذلكم الرباط, فذلكم الرباط" رواه مالك، (وفى رواية على المكاره).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان" ابن ماجة والترمذى.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بشر المشَّائين فى الظًُلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" رواه ابن ماجه وأبو داوود.
ولقد سألت فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد – رضى الله عنه - عن الذهاب إلى المسجد بالسيارة فأجابنى قائلا: "إن كل لفة عجلة لك بها حسنة" وقد علَّق فضيلة الشيخ الطاهر الحامدى بقوله: وهذا فقه جيد حيث إن المقصود ليس المشى بالقدم وإنما المراد السعى إلى المسجد بأىِّ وسيلة كانت، كما ورد فى حديث الاثنين الذيْن جاءا يسألان النبى فى الحج فقال لأحدهما: (فإنّك إذا خرجت من بيتك تؤمُّ البيت الحرام لا تضع ناقتك خفًّا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا عنك خطيئة) رواه الطبرانى فى "الكبير" والبزّار وابن حبَّان، ويدخل فى هذا السعى بالسيارة أو أى وسيلة أخرى حديثة.
فمن الطاعات التى لها فوائد عظيمة تعمير المساجد وكثرة الخطا إليها, يقول الله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة) (التوبة:18)، فهل سيترك الشيطان رواد المساجد يؤدُّون المناسك ويفوزون بهذا الثواب العظيم؟ ولقد حذرنا الله فى كتابه العزيز فقال: (إن الشيطان لكم عدو فاتَّخِذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) (فاطر:6).
وبسؤال فضيلة الشيخ عامر عبد الرحيم سعيد - رضى الله عنه – عن عداوة الشيطان للإنسان فقال إن الشيطان لا يحتمل أن يرى اثنين مسلمين فى وئام ومحبة فيظل وراءهم حتى يوقع بينهم العداوة والبغضاء ليبعدهم عن الطاعات.
وحينما سألته – رضى الله عنه – عن سبب الخلافات بين رواد المساجد فقال وهل سيذهب الشيطان إلى الخمارة؟ إن رواد الخمارات انتهى منهم الشيطان وهو الآن يحاول أن يخرب على رواد المساجد عبادتهم ويمنعهم من المواظبة على حضور صلاة الجماعة بالمسجد وحتى لا يزيد عدد المصلين ويبعدهم عن هذا الخير العظيم.
وقد حكى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عبادة بن الصامت عنه حيث قال: خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أى تخاصم وتنازع) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة) وعلى الرغم من البشارة الواردة فى الحديث فى قوله – صلى الله عليه وسلم -: (وعسى أن يكون خيرًا لكم) إلا أن الخصام والتنازع فى المساجد قد يكون سببًا فى الحرمان من خير كثير.
وكل هذه الخلافات وراءها عداوة الشيطان لنا فهل اتخذناه عدوًّا كما حذرنا الله سبحانه وتعالى؟
وآخر حيل الشيطان الآن لرواد المساجد التليفون المحمول, فحَدَثَ أننا كنا نصلى العشاء جماعة بالمسجد ورغم تحذير الإمام للمصلين بغلق التليفون المحمول, وبعد الدخول فى الصلاة أخذ يرن جرس تليفون محمول برنات غريبة وصاحبه يخرجه ويغلقه أكثر من مرة، وبعد الصلاة سأل الإمامُ صاحبَ التليفون: لماذا لم تغلق التليفون المحمول قبل الدخول فى الصلاة كما حذرنا من قبل؟ فردَّ: حتى أكون على اتصال بعملى فكان رد الإمام عليه: إذن قمْ فأعدْ صلاتك فإن الشيطان قد أفسدها عليك، (لأنه تحرك أكثر من حركة أخرجته عن صلاته)، ونحن حين نُكَبِّر تكبيرة الإحرام يجب أن نترك الدنيا وراء ظهورنا.
والآن.. وبعد أن وضحت الأمور وعلمنا عداوة الشيطان لنا, يجب علينا أن نرتفع فوق خلافاتنا وأن ندعو الله - سبحانه وتعالى - أن يكفينا شر الشيطان وعداوته وأن يوحِّد كلمة المسلمين حتى يكونوا على قلب رجل واحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق