الخميس، 11 يونيو 2009

سنة المصطفى- صلى الله عليه وسلم - فى الزواج

عبد الرحمن عمر
يقول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الروم:21) وقد رغَّب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الزواج فقال: (تناكحوا تناسلوا تكثروا فإنى مُبَاهٍ بكم الأمم يوم القيامة) فبالزواج تتحقق الخلافة الصالحة فى الأرض، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
وعن السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم)، وحذر الشباب من التعلق بالمظاهر الخداعة فروى أنه قال: (إياكم وخضراء الدمن قالوا يا رسول الله: وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء فى المنبت السوء) رواه الوقادى من رواية أبى سعيد الخدرى، ويقول صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وورد عن النبى ـ صلى الله عليه وآله وسلم قوله: (أقلهن مهورا أكثرهن بركة) قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (النور:32)، وقد وضع لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معيارا لمعاملة الشاب المُقْدِم على الزواج عندما تقدم الإمام على ـ رضى الله عنه وكرم الله وجهه ـ لطلب يد السيدة فاطمة الزهراء ـ رضى الله عنها ـ من أبيها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو الذى له الولاية العامة على جميع المسلمين والمسلمات دون استثناء حتى على علىٍّ وفاطمة، لكن الرسول لم يعلن موافقته لعلى قبل الاستئذان من السيدة الزهراء حفاظا على كرامتها لتكون سنة لعامة المسلمين ودخل النبي واكتفي بقوله يا فاطمة إن على بن أبى طالب مَنْ قد عرفتِ قرابته وفضله وإسلامه وإنى قد سألت ربى أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه وقد ذكر عن أمرك شيئا فما ترين؟ فسكتت ولم تولِّ وجهها ولم ير فيها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كراهة فقام وهو يقول: (الله أكبر.. سكوتها إقرارها)، ثم عاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى علىٍّ فأخبره بالموافقة وسأله: هل معك شىء أزوجك به؟ فأجاب علىٌّ: فداك أبى وأمى! والله لا يخفى عليك من أمرى شىء، أملك سيفى ودرعى وناضحى (البعير الذى يحمل عليه الماء) وأشار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على علىٍّ أن يبيع الدرع وكان ثمنه صداقا لابنة سيد الأنبياء والمرسلين وبنى بها فى بيت أمه السيدة فاطمة بنت أسد ـ رضى الله عنها ـ وكان على بن أبى طالب فقيرا فهو الذى قال: لقد تزوجت فاطمة ومالى ولها غير جلد كبش تنام عليه بالليل، ونعلف عليه الناضح بالنهار وما لى ولها خادم غيرها وقد وضع لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا المنهاج النبوى مسلكا قويما ونهجا سديدا لاختيار الزوج، ولكن للأسف فى أيامنا الحالية.. اهتم الأهالى بالمظهر والشكل والمستوى الاجتماعى والجاه والمنصب والشقة من أربع غرف أو خمسة مما أثقل كاهل الشباب وخاصة المبتدئ منهم مما صعَّب الأمر على الشباب وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه (ما خُيِّرَ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا) متفق عليه، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم) أخرجه أبو داوود، وقد تتمنى بعض الأسر الزواج لابنتهم، فما أن يأتى الشاب لطلب يدها حتى يأخذوا فى المطالبة بأمور تعجيزية منها الشبكة، والفرح، وفى أى نادٍ سيقام، ونوع الأكل المقدم للمدعوين.. وغير ذلك، بل لقد فشلت زيجة بسبب إصرار أهل العروس على وجود الديك الرومى بـ«البوفيه» ولما اعتذر العريس وقال إن إمكانياتى لا تسمح، فقالوا إن بنت عم العروس كان فى فرحها ديوك رومية، ونحن لسنا بأقل منهم، إما هذا الشرط وإما فلا فرح ولا زواج فاستشار للزواج أحد العلماء العقلاء، فقال له اترك هذه الأسرة يا بنى وإلا سوف يرهقونك، كل هذا التشدد جعل الشباب يفكر ألف مرة قبل القدوم على الزواج.
وبعد هذا نسأل: لماذا وصل عدد الفتيات العوانس فى مصر إلى تسعة ملايين عانس وليس هناك علاج للخروج من هذه المشكلة التى صعَّبناها على أنفسنا إلا بالرجوع لسنة الحبيب الطبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى قال لآل العروس: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير) رواه الترمذى وغيره، ولم يشترط رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى المتقدم للزواج إلا الدين والخلق، أما نحن فقد نزعنا المودة والرحمة التى أوصانا بها القرآن وجاءت بها السنة، فهيا نتبع سنته - صلى الله عليه وسلم - لينصلح حال مجتمعنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق